الدنمارك: محاولة فرض فحص إجباري للكشف عن كورونا لمواطني الضواحي
الدنمارك: محاولة فرض فحص إجباري للكشف عن كورونا لمواطني الضواحي
تبشر حكومة يسار الوسط في الدنمارك، برئاسة ميتا فريدركسن، بعمليات “فحص إجباري للكشف عن كورونا”، بعد حملة منظمة قادها اليمين المتطرف والصحافة الصفراء في كوبنهاغن ضد مسلمي البلد على وجه الخصوص، والمواطنين من أصول مهاجرة عموما، في إحدى ضواحي مدينة أودنسه، وسط جنوب، والتي يطلق عليها اسم “غيتوهات”.
ويتّهم حزبا “الشعب الدنماركي” و”البرجوازية الجديدة”، مع شخصيات يمينية متشددة أخرى، وبعض الأشخاص من “الاجتماعي الديمقراطي”، سكان ضاحية فولسموسه، في أودنسه، والبالغ عددهم نحو 9 آلاف، بأنهم “غيتو يهدّد ديمقراطية وقانون الدنمارك”، وفقا لما تصفه زعيمة حزب “الشعب” اليمينية المتطرفة بيا كيرغسورد، وسط تنديد شعبي وسياسي باللغة والأسلوب الذي بات ينعت به مواطنون دنماركيون من غير البيض.
واستخدام وصف “غيتو”، دون الإشارة إلى السكان، وتحميل “هذا المنعزل (الغيتو) مسؤولية استمرار انتشار كورونا، بالعيش خارج السياق الحضاري الدنماركي، ورفضه الانصياع لعمليات فحص طوعية، يستلزم إجبار الأجانب على إجراءات غير طوعية”، بحسب ما يشيع قادة اليمين المتشدد على وسائل التواصل والإعلام، وفي البرلمان الدنماركي.
ويثير تجمع فولسموسه، الذي يقطنه مواطنون من نحو 80 أصل إثني، بمن فيهم دنماركيون، الكثير من السجالات لدى معسكر قومي متشدد، وبلغة يراها معلقون دنماركيون “مستفزة ولا تعالج القضايا الحقيقية”.
ويشير منتقدو هذا “الخطاب التحريضي” إلى أنه لا يعكس حقيقة أن معظم العاملين من هذه الضاحية يشتغلون سائقي حافلات وسيارات أجرة وتوصيل، وفي قطاع الرعاية الصحية، و”بالتالي من الطبيعي أن يصاب بعضهم بكورونا”، مضيفين أنه في انتظار معالجة تكدس سكانه في شقق، على الحكومة والبلدية مساعدة بعضهم في إجراءات العزل بعد ثبوت الإصابة بكورونا بعيدا عن الأسر الكبيرة”، كما أشار اليسار الدنماركي (اللائحة الموحدة) إلى رفضه لـ”حملة غريبة تستهدف فئات بعينها، وخصوصا من يوصفون بأنهم من أصل غير غربي”.
فحوصات وسجال متواصل
وخلال أسبوع من السجال واتهامات بحق الآلاف، أقدمت جمعيات محلية في هذه الضاحية على تشجيع كل القاطنين على إجراء فحص كورونا.
وخلال يوم الأحد الماضي، كان قد خضع للفحص 8200 شخص من أصل 900 ألف قاطن. ورغم ذلك استمرت الحملة والتشكيك حتى بالفحوص من قبل زعيمة اليمين المتشدد بيا كيرسغورد، وقياديي “الشعب”.
ويوم أمس، الثلاثاء، أصرت هذه السياسية اليمينية على طرح الموضوع في البرلمان، وفقا للقناة التلفزيونية الثانية، باستجواب رئيسة الوزراء فريدركسن بشأن “أسباب الانتشار السريع بين سكان الغيتو”.
وتعرضت فريدركسن لانتقادات لاذعة من متابعي منصات التواصل الاجتماعي، بسبب قولها: “هذا الأمر يمكن أن يجيب عنه وزير الهجرة ماتياس تيسفايا”. فإحالة شأن صحي يتعلق بمواطنين دنماركيين، وإن كانوا من أصول مهاجرة، أثارت غضبا “إذ كلما تعلق الأمر بهذه الفئة من المواطنين، ولو كان اجتماعيا أو صحيا، فلا بد ليسار الوسط من أن يجاري المتطرفين بإحالته إلى موضوع هجرة”، كما عقّب العشرات على السجال.
بل يرفض دنماركيون “ملاحقة المواطنين على أساس الخلفية العرقية”، ويسمون ذلك “عنصرية ممنهجة تتم بحقهم باسم محاربة كورونا”.
خطاب تمييزي للمهاجرين
ولعل ما يثير الأشخاص والجماعات المعارضة للخطاب اليميني المتشدد، أن الأرقام يجري تهويلها. فخلال الأيام الماضية كان عدد إصابات كورونا في ضاحية فولسموسه قد وصل إلى 80 إصابة من بين 9 آلاف إنسان.
وعلق دنماركيون على هذه النتائج، مُعبرين عن سخطهم من الخطاب الموجه بشكل تمييزي، حيث كان اليمين المتشدد قبل أسبوعين يرفض فرض إجراءات إلزامية على المواطنين، ولكن حينما تعلق الأمر بأصول مهاجرة غيّر رأيه.
وكتب كثيرون: “نحن نعيش في قرية لا يوجد فيها مواطن واحد مسلم، ورغم ذلك ينتشر الوباء. فهل سيفرض علينا الفحص الإجباري؟”.
والتعليق الأخير يأتي بعد إصرار حكومة يسار الوسط على انتهاج ما تسميه “سياسة الإجبار”، بعدما تجاوبت فريدركسن مع دعوات اليمين المتشدد لاستخدام قوانين الوباء لفرض فحوص إجبارية على مجمعات سكنية يقطنها مواطنون من أصول مهاجرة، بحجة “السيطرة على انتشار الجائحة”.
ويتيح تعديل قانوني، منذ الأول من مارس/ آذار الحالي، فرض فحص كورونا على مجموعات من الناس اكتشفت إصابات بينهم، وهو قانون جرى تعديله ليشمل إجبار الدنماركيين العائدين من السفر على الخضوع للفحص.
ويتطلب التدخل الجديد لفرضه على سكان الضواحي أغلبية برلمانية تصوت له، ويبدو أن فريدركسن تحاول تأمين هذه الأغلبية خارج اليسار ويسار الوسط، التي تشكل قاعدة برلمانية لحكمها.