الاندماج في السويد والنرويج الأفضل بين مجموعة “دول الشمال”
الاندماج في السويد والنرويج الأفضل بين مجموعة "دول الشمال"
شارت نتائج دراسة مشتركة حديثة، نشرت بعض نتائجها الجزئية أمس الخميس في الصحافة المحلية بالدنمارك، حول دمج اللاجئين في “مجموعة دول الشمال”، وتضم دول اسكندينافيا الثلاث؛ النرويج والسويد والدنمارك، بالإضافة إلى فنلندا وأيسلندا وغرينلاند وجزر الفارو، إلى تأخر الدنمارك عن مثيلاتها شمالاً.
وشملت الدراسة وضع 180 ألف لاجئ وصلوا إلى الدول الاسكندينافية وفنلندا في الفترة بين 1986 و2005، لتخلص إلى أن اللاجئين في مملكتي النرويج والسويد، من ناحية التحصيل العلمي والوضع الصحي، أفضل حالاً من اللاجئين في المملكة الدنماركية.
وتشير الدراسة إلى أن “المنحدرين من هؤلاء اللاجئين، والذين تتراوح أعمارهم بين 21 و35 سنة، تسير أمورهم بشكل أفضل في الدولتين مما هي عليه في الدنمارك”، واستند الباحثون إلى مقابلات مع أبناء تلك السنوات من اللجوء، في سياق أبحاث ميدانية تابعت تطور وضع هؤلاء حتى 2015.
الدراسة المشار إليها اعتبرها القائمون عليها بمثابة وضع “خريطة تفصيلية لكيفية تطور حياة اللاجئين وأسباب النجاح والفشل”، إذ بينت أنه من بين 180 ألف مواطن جديد، ممن حضروا أو انحدروا من صلبهم في تلك الفترة الزمنية، كان واحد من كل اثنين من فئة الشباب، حتى 30 سنة، منخرطون في سوق العمل بدوام كامل في النرويج والسويد، فيما في الدنمارك واحد من كل ثلاثة، وأن قلة قليلة تسربت من النظام التعليمي، وحصل هؤلاء على درجات أعلى من الأطفال والشباب من أصول لاجئة في الدنمارك.
وعن فارق الأوضاع الصحية والوفيات، تشير الدراسة إلى أن معدل الوفيات بين هؤلاء بسبب الحوادث، على وجه الخصوص في الدنمارك، أعلى مما هي عليه في باقي دول الشمال، وفي الوقت نفسه فإن كوبنهاغن سجلت نسبة مضاعفة، عن جارتيها أوسلو واستوكهولم، في أعداد اللاجئين الذكور فوق سن الـ 30 الذين يعيشون على نظام الرعاية الاجتماعية، بسبب أمراض مزمنة
ووفقاً لمعدّي الدراسة الشاملة، فإنه “من اللافت للنظر أن جيل الشباب، الذين درسناهم، يحققون أداء منهجياً أفضل في السويد والنرويج عما هو الحال في الدنمارك، حين يتعلق الأمر بالتعليم والتوظيف والصحة”، وهو ما أكده للصحافة الدنماركية أستاذ الصحة العامة بجامعة كوبنهاغن، كريستوفر دي مونتغمري، والذي يعد واحداً من بين أكثر من 30 باحثاً ساهموا بإعداد الدراسة في دول الشمال الأوروبي، بالقول إن “جهود الاندماج في الدنمارك، استناداً إلى نتائج بحثنا، بدأت تتحسن في السنوات الأخيرة فقط”.
ومن جانبه، أكد رئيس لجنة البحث البروفيسور في قسم علوم الصحة العامة، آلان كراسنيك، إلى أن الدراسة ونتائجها “يمكن أن توفر مصدر إلهام لتطوير أفضل لوضع أطفال اللاجئين”.
العلاقة بالمحيط أمر حاسم للاندماج
ويعتبر كراسنيك أن أهم ما استنتجه الباحثون يتعلق بعلاقة الشباب اللاجئين بالمجتمعات “فإذا شعر اللاجئون الشباب بالتقدير في المجتمع، وأقيمت اتصالات وعلاقات مبكرة مع أقرانهم من الغالبية (الاسكندينافيين) فسيكون هناك العديد من المؤشرات على أنهم يتحسنون. في الوقت نفسه، تُظهر دراستنا أن التعليم أمر بالغ الأهمية لدورة الشباب اللاحقة”.
وتظهر الأرقام الصادرة عن المجلس السويدي لمنع الجريمة أن الشرطة في عام 2018 تلقت ضعف عدد التقارير التي تلقتها قبل 40 عاماً، وبأن هناك قدراً كبيراً من الجدل حول ارتفاع معدل الجريمة بين المهاجرين في السويد.
لكن كراسنيك يذكر لصحيفة “كريستلي داوبلاديت” الدنماركية بأنه “لم تكن مهمة دراستنا البحث عن انتشار الجريمة، ولكن التحقيق في كيفية أداء الجزء الأكبر من الشباب ذوي الخلفية اللاجئة”، وأكد أنه “يمكن أن تكون الجريمة مشكلة خطيرة في مجموعة صغيرة، في نفس الوقت الذي تعمل فيه الغالبية العظمى من أبناء اللاجئين بشكل جيد”، وهو بذلك يشير إلى الانعكاسات السلبية على الأغلبية اللاجئة التي تتأثر علاقاتها بمحيطها نتيجة تلك الجرائم والتعاطي الإعلامي معها.
ومن ناحيته يؤكد مدير “مركز المعرفة الدنماركي للدمج”، راسموس بروغرر، أنه لم يفاجأ بالاستنتاج، ويشير إلى أن النتائج وفروق النجاح في الدمج بين بلده، الدنمارك، وشقيقاتها الشمالية “يجب أن يؤدي إلى فتح نقاش حول أداء نظامنا الدنماركي، بل وعلينا أن نستوحي أساليب عمل السويد والنرويج”.
وعلّق، الخميس، مقرر شؤون الهجرة في حزب المحافظين الدنماركي، ماركوس كنوت، على النتائج التي تقول بأن بلده لم يستطع عمل ما عملته أوسلو واستوكهولم في دمج أفضل بأنها دراسة “لا تعكس وجود مشكلة جرائم عميقة في السويد، حيث لا تستطيع الشرطة الوصول بحرية لبعض التجمعات السكنية”، وهو بذلك يشير إلى اتساع نطاق جرائم العصابات في مدن جنوبي غرب السويد، مالمو وغوتيبورغ، على يد مجموعات شبابية من أصول مهاجرة، تتحارب بإطلاق الرصاص والتفجير، ويعتبر كنوت أن “سياسة الهجرة الصارمة (في كوبنهاغن) منعت انتشار الجريمة بين العصابات على الطريقة السويدية، لذا من الصعب مقارنة الوضعين”.