(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
علي ما يبدوا أن هناك من السياسيين من يريد ادخال اوروبا في معارك في الإتجاه الخاطئ ، وإذا ما دخلوها فإنهم يدمنون البحث عن الحلول الصعبة ، والأمثلة على ذلك عديدة ولا تنتهي ، ويمكنك تذكر انتشار ظاهرة التطرّف بين الشباب المسلم .
وأخر هذه المعارك الخاطئة ، معركة النقاب في الدنمارك و التي وصلت إلى أن يصدر البرلمان قانون بمنع النقاب في الأماكن العامة و تغريم المخالفة 1000 كرونة تتضاعف اذا تكررت.
إذا ما أردنا توصيفاً لهذه المعركة التي فرضها السياسيين على الرأي العام وفجّروها في وجه شريحة من المواطنين في شهر رمضان المبارك ، فلن نجد أصدق من وصفها بأنها معركة في غير ميدان ، ومعركة في الإتجاه الخاطئ ، وقد تسأل لماذا هي كذلك؟ والإجابة أن هذه المعركة في الإتجاه الخاطئ لأكثر من سبب:
أولاً: هي معركة خاطئة لأنها في إتجاه خاطئ يصطدم برأي فقهي معتبر يوجب على المرأة ستر وجهها ، وقد أخطأ بعض رموز المؤسسات الاسلامية حينما وصفوا النقاب بأنه عادة بدوية لا يعرفها الإسلام؛ لأن أي متصفح لكتب الفقه الخاصة بالمذاهب الفقهية الأربعة يعلم أن حكم النقاب عند الفقهاء يدور بين الجواز والوجوب ، مع اتفاقهم علي وجوبه في زمان الفتنة وشيوع فساد الأخلاق، وفي حالة المرأة بالغة الحسن وضيئة الوجه.
ثانياً:هي معركة خاطئة لأنها تهدر المبادئ الدستورية التي تقرر حرية المرأة في ممارسة شعائر دينها وحريتها الشخصية. ثالثاً: هي معركة خاطئة لأنها تميز بين المواطنين عندما تضع قيوداً علي زي البعض منهن وتطلق العنان لغيرهن في اختيار ما يشئن من ملابس
رابعاً: هي معركة خاطئة لأن الذي فجرها السياسي والذي يفترض به احترام الأخر والإعتراف بالتنوع واحترام الدستور و إعلاء القيم والأخلاق، والمناط به تعليم الكافة كيفية التوفيق بين تحقيق الصالح العام واحترام حقوق المواطنين وحرياتهم وعدم الإعتداء عليها.
خامساً: هي معركة خاطئة في الإتجاه حيث كان ينبغي تشجيع هؤلاء الفتيات المنتقبات على تحصيل العلم ودعمهم في اختيارهم للجمع بين الإلتزام بدواعي الإحتشام والعفاف والخروج لتلقي العلم وخدمة المجتمع. سادساً: كان الأولى أن تأتي هذه المعركة في مواجهة قضايا أكثر أهمية وإلحاحا خاصة في مواجهة التطرّف و الاٍرهاب والعنصرية. شظايا مدمرة : ويخطئ التقدير من يعتقد أن هذه المعركة الخاطئة ليست لها أثار سلبية تذكر؛ لأنها ستمضي مخلفة أثاراً مدمرة وشظايا متناثرة، ويكفي أن نتأمل في هذه التساؤلات :
– ألا تضع هذه المعركة اوروبا في خانة الذين يحاربون الفضيلة ويرفضون التعدد الثقافي والديني والتنوع في المجتمع؟
– ألا تضع المعركة اوروبا في صف الدول العنصرية التي تحارب المظاهر الإسلامية في بلادها؟ – ألا يعتبر ذلك شحناً لنفوس شباب قد يتحمس ويرى في مثل هذا التعنت دليلاً على محاربة المسئولين للإسلام ؟
– ألا يصب ذلك في تعبئة شريحة من الشباب ضد المجتمع ويجلب مزيداً من التعاطف معهم ؟.
– ألا يرسخ ذلك في النفوس ثقافة كراهية الآخر؟
– ألا يصب ذلك في النظر بعين الريبة بحق منظمات حقوق الإنسان الذين انتابتهم حالة من الصمت غير النبيل تجاه الحقوق المهدرة للمرأة المنتقبة؟
– ألا تعتبر إثارة هذه المعركة هو من قبيل محاصرة النقاب والتدين وليس من قبيل محاصرة ظاهرة التخفي خلف النقاب ؟ كل هذه القوانين يعتبرها البعض تاتي في سياق محاربة النقاب والضغط علي المنتقبات لترك النقاب إن أردن التمتع بالحق في التعليم والحق في العمل ، ويأتي رفض المسئولين لأي حلول توفيقية بين ما يدعونه من حقهم في مواجهة العادات المخالفةلقيم المجتمع وحق المنتقبات في الالتزام بما يعتقدونه واجباً عليهم دينياً دليلاً على أن الهدف هو محاربة التدين من خلال النقاب و و الحجاب.
وأحسب أن كل منتقبة وكل متعاطف معها وما أكثرهم يرغبون في مناشدةالراي العام الاوروبي التدخل والاحتجاج على انتهاك حقوق المتنقبة بوضع حد لهذا العناء والتعنت معهن ، وبوصفهن شريحة من أبناء المجتمع وإنهاء تلك المعركة التي أخطأت اختيار الاتجاه والميدان.
د. محمود الدبعي رءيس منظمة السلام للاغاثة وحقوق الانسان الدولية
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});