(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
أتى الرجل مهاجراً الى بلاد الغرب، أرض الأحلام والفرص، عمل بجد وجهد، تزوج، أنجب فقط ولداً وبنتاً، عملا ً بما هو سائد في بلاد الغرب، ليستطيع العناية بأسرته الصغيرة وتهيئة الفرص لهم. سمى ابنه فارس، لما تحمل كلمة فارس والفروسية من معان رجولية، وسمى ابنته مريم لما في الاسم من طهر ونقاء. وبدأ الحلم يراود خياله دائماً، برؤية ولده وابنته يتسلقون سلم النجاح، وبعدها برؤية أحفاده يسيرون على خطى جدهم وأبيهم، ليغمض عينيه ذات يوم راحلاً عن هذه الدنيا، وقد زرع شجرة في أرض الغربة، ويترك ذرية تعطي ثمرها وخيرها.
ولعل الخير هذا يصل بلاد الشرق. مرت الأيام مسرعة وهو يفني ساعات العمر وسنينه من أجل اولاده، من أجل مستقبلهم وسعادتهم. كبر فارس، درس فارس، ونجح فارس. تخطى ثلاثينات العمر، وأصبح حلم أبو فارس وأم فارس أن يفرحوا به وقد أصبح عريساً، ومن ثم يروا أحفادهم.
وكان أبو فارس يقول بين الدعابة والجد، اسمع يا فارس، لما يجيك أول ولد بدك تسمي على أسمي، وأمام هذا الطلب كان فارس يبتسم ابتسامة صفراء، تحمل معانٍ لم يفهمها أبو فارس. وكان فارس في كل مرة يغير الموضوع ويرفض الزواج، فالعمل يأخذ كل وقته، وأمام هذا الموقف كان يخالج قلب أبو فارس مزيجا من المشاعر، جزء منها الفخر والاعتزاز أن ابنه يسعى لتحقيق المزيد من النجاح والحلم الذي حمل أبو فارس على الهجرة الى بلاد الأحلام، والجزء الآخر من تلك المشاعر هو الرغبة في أن يرى فارس عريساً، ومن ثم أن يرى أولاد فارس قبل أن يغادر أبو فارس هذه الدنيا.
لكن الصدمة وتبعاتها قضت على أبو فارس وفارق الحياة. حزنت أم فارس من الحزن، وأصبحت غير قادرة على النظر في عيون الأهل والأصدقاء، مع أنها لم تتخلى عن ابنها وكلما زارها فارس تفرح به وبقدومه، فرحاً لا يخلو من الحزن، فهي بالنهاية ابنها وعليها ان تتقبله كما هو.
بقلم محمد ترعاني
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});