هل هناك دواع للقلق من التحول الجيني المرتبط بمرض كوفيدـ19 لدى ثعالب الماء؟

كشفت الدنمارك الشهر الماضي أنها ستبيد 17 مليون حيوان من ثعالب الماء المعروفة بحيوان “المينك”، بعد أن لحقت العدوى أكثر من عشرة أشخاص بفيروس متحول لكوفيدـ19 في شمال جوتلاند، ثمانية من أولئك الأشخاص أصيبوا في مزرعة لصناعة الفرو، وأربعة آخرون أصيبوا في مناطق سكانية قريبة.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يصاب فيها حيوان المينك بالعدوى ثم ينقلها إلى البشر، ففي نيسان/إبريل 2020، عثر على عامل في مزرعة لتربية ثعالب الماء في هولندا وهو مصاب بكوفيدـ19، وثبت بعد ذلك أن انتقال العدوى ممكن من الحيوان إلى البشر ومن البشر إلى الحيوان. وبعد أشهر تم الإبلاغ عن وجود حالات عدوى لدى ثعالب الماء، في إيطاليا وإسبانيا والسويد والولايات المتحدة.

إلا أن الفرق في الدنمارك هو أن الفيروس المرتبط بكوفيدـ19، والذي اكتشف لدى ثعالب الماء والأشخاص المصابين كان متحولا، مع الإشارة إلى أنه رغم اقتراب المخابر من التوصل إلى لقاح للفيروس، فإن سلالات أكثر خطورة قد تتطور بدورها.

تحول الفيروس

يمكن لكوفيدـ19 أن يتحول 20 مرة منذ اكتشافه لدى البشر سنة 2019، بحسب المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة. ومعظم تلك التحولات كان لها أثر صغير في الفيروس، بل إن بعضها جعل الفيروس أكثر ضعفا، بحسب عينة أخذت في تشرين الأول/أكتروبر 2020.

وحتى إن تحول الفيروس من نوع إلى آخر فإن التحولات يمكن أن تكون أكثر خطورة. فالفيروس يتأقلم ويتطور خلال زراعة جديدة للخلايا، بتركيبة جينية وبيولوجية مختلفة، وقد يكون أكثر قوة ومرونة من الفيروس الأصلي.

وما يعنيه ذلك هو أنك عندما تكتسب مناعة ضد سلالة واحدة من كوفيدـ19 من خلال التطعيم بلقاح معين، فإنه قد لا تكون لديك مناعة حين تصاب بسلالة أخرى متحولة من فصائل مختلفة.

أخبار جيدة

رغم أن السلالة الجديدة شهدت تحولا، فإن العلماء لا يعرفون بعد إذا كان ذلك يعني أن الفيروس أضحى أكثر فتكا. ويشير المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة إلى أنه في الوقت الذي تكون فيه السلالة للفيروس مختلفة جينيا، فإن الأشخاص المرضى المصابين عن طريق ثعالب الماء ليست لهم أعراض أسوا من الأشخاص الآخرين المرضى بكوفيدـ19، والذين كانت لهم أسباب أخرى للمرض.

وفي استنتاجاته يقول المركز الاوروبي لمكافحة الأوبئة إن الخطر الشامل على الصحة البشرية في المجتمع ككل ضعيف، بينما الخطر بالنسبة للذين يعملون في مزارع تربية ثعالب الماء هو متوسط.

الأخبار السيئة

لقد أثارت التغيرات الخاصة بثعالب الماء القلق بسبب أثرها في الاجسام المضادة، وهو ما يعني القدرة على تحفيز استجابة المناعة، وبما أن اللقاحات تتعلق بتحفيز المناعة فإن الخوف يتمثل في ألا تحمي لقاحات كوفيدـ19 الناس ضد سلالة الفيروس.

والخوف الأكبر هو أن تتطور سلالات جديدة بالانتقال من الحيوان إلى الإنسان ومن الإنسان إلى الحيوان، وهو ما يتطلب نظريا عديد اللقاحات. وبقطع النظر عن المدة التي قد يستغرقها إعداد اللقاح، فإن الخوف يكمن في أن كوفيدـ19 سيبقى يتحول، ولن يختفي.

لماذ ثعالب الماء؟

الحيوانات الأكثر عرضة لنقل عدوى سارس ـ كوف ـ2 هي القطط والأسود والنمور وثعالب الماء، والقوارض والخفافيش ونوعان من الهامستر. والمعروف أن ثعالب الماء وهي نوع من القوارض، استخدمها العلماء لدراسة فيروس الانفلونزا، والسبب الذي يجعل من القوارض المثال الجيد للتجارب هو أنها على عكس الفئران، تظهر أعراضا مشابهة للبشر، مثل الحمى وسيلان الأنف.

ولكن انتشار كوفيدـ19 بسرعة في صفوف ثعالب الماء في الدنمارك، هو بسبب طبيعة التصنيع المكثف على ما يبدو، والذي يفرض جمع تلك الحيوانات في أقفاص حديدية قريبة جدا من بعضها البعض. وتعد أوروبا رائدة في مجال صناعة الفراء، وأكثر من ثلث مزارع تربية ثعالب الماء توجد في الدنمارك.