ماهو مفهوم الدقيقة الواحدة؟
هل يمكن تخيل عالم حيث يستبدل السكان المحليون أماكن وقوف سياراتهم بالمنتزهات المنبثقة، ومقاعد
الجلوس، ونقاط شحن الدراجات الكهربائية؟ نعم! تخطط السويد لذلك كجزء من تجربة الانتقال نحو النموذج
المدني التجريبي لمدينة «الدقيقة الواحدة» التي أثارت منذ إعلانها الكثير من التساؤلات حول طبيعتها، فما هي؟
وما هي آفاقها؟
مدينة الدقيقة الواحدة هي نموذج مدني تجريبي يجري اختباره حالياً في مدينة ستوكهولم استناداً إلى فكرة
مدينة الـ 15 دقيقة، عبر إعادة تصور الفضاء المدني على مستوى محلي فائق يشرك المواطن في بيئته. ويقوم
مفهوم مدينة الـ 15 دقيقة على فكرة أن يكون بإمكان المواطن إيجاد أغلب احتياجاته ومتطلباته ضمن دائرة
نصف قطرها 15 دقيقة مشياً أو عبر قيادة الدراجة الهوائية.
أما مفهوم «الدقيقة الواحدة» فهو على العكس من ذلك، ليس لتلبية احتياجات الفرد في دائرة نصف قطرها
دقيقة واحدة، وإنما لإعطاء سكان الحي أو الشارع حق كيفية استخدام الحيز المدني ضمنها بالطريقة التي
يريدونها.
ما الغرض من الفكرة؟
يقول المصمم والمتخصص في الهندسة المدنية في وكالة الابتكار الحكومية السويدية Vinnova، دان هيل:
“يمكن وصف مدينة الدقيقة الواحدة بأنها المساحة الموجودة خارج عتبة منزلك إلى منزل جارك المجاور
والمقابل، وما حول البناء أو المنزل الذي تقطن فيه”.
وباختصار
فإن الفكرة هي إعطاء مساحة ذات استخدامات متعددة لسكان المنطقة من خلال بناء وحدات خشبية
لأقسام وأنواع مختلفة، ويعود الأمر لهم لتقرير ماهية هذه الوحدات وفقاً لاحتياجاتهم ورغباتهم: موقع لقاءات،
مساحة خضراء، ساحة لعب للأطفال، موقف للدراجات الهوائية، وغيرها الكثير من الاحتمالات التي لا يمكن
حصرها.
تقييم إيجابي
جرّب مشروع «الدقيقة الواحدة» الذي يحوّل أماكن وقوف السيارات إلى أماكن للاجتماعات واللقاءات منذ أيلول
العام الماضي على نطاق ضيق، وقد حققت التجربة نجاحاً كبيراً حيث شملت حتى الآن مدن سويدية عدة مثل
جوتنبرغ وأوميو وهلسنغبورغ وفاسترفيك.
وبحسب استطلاع الرأي الذي أجراه مشروع ArkDes وشمل 320 شخصاً في الخريف الماضي في شوارع
ستوكهولم، فقد عبّر أكثر من 70% عن قبولهم وترحيبهم المباشر بالتجربة، بينما لم يكن هنالك سوى عدد قليل
جداً من ردود الفعل السلبية.
الآفاق اللاحقة والمشاريع المشابهة
سيجري في السنوات المقبلة اتساع لهذا المفهوم ضمن الشوارع في المناطق المدنية لتحل محل أماكن وقوف
السيارات التي من المقرر أن تختفي من المناظر الطبيعية.
ويتلاقى مفهوم مدينة الدقيقة أيضاً مع حركة أخرى عصرية: مشاركة المواطن، حيث يمكن لكل قاطن أن
يشارك في إعادة هيكلة شارعه، ويتضمن المفهوم التعاون مع السكان المحليين والمصممين لإحياء المشاريع
من خلال ورشات العمل المجتمعية.
ويجري حالياً اختبار هذا المفهوم ضمن 4 مواقع في العاصمة ستوكهولم، ومن المتوقع أن يتم تنفيذ المشروع
في جميع أنحاء البلاد بحلول عام 2030.