السويد

شركة فودورا تثير الجدل في السويد.. استغلال للعمال وأجور متدنية

برزت خلال الأشهر السابقة عدة انتقادات لشركة فودورا Foodora لتوصيل الغذائيات، حيث يُشكل المهاجرون أغلب عمّالها، ويعملون ضمن ظروف سيئة وأجور متدنية، وملأت أحاديثها فضاء وسائل التواصل الاجتماعي ووكالات الأخبار، فمن هي فودورا وما القصة خلف الجدل الجاري حول فرعها في السويد؟

التأسيس والعمل

تأسست الشركة في مدينة ميونيخ بألمانيا في عام 2014، وكانت تحمل اسم Volo GmbH، لتتوسع لاحقاً في عام 2015 وتفتح عدة أفرعٍ لها في كل من كندا وأستراليا والنمسا وباتت تعمل جميعها تحت اسم فودورا، قبل أن تتحد مع شركتي Delivery Hero وUrban Taste لتوصيل الطلبات.

اشترت مجموعة Takeaway الألمانية كل عمليات التوصيل التابعة لـ Delivery Hero بما فيها فودورا بألمانيا في شهر كانون الأول من عام 2018، وانتقلت كافة أعمال الشركة إلى مالكيها الجدد باسم Lieferando كشركة رديفة لـ Takeaway.

FotoGustaf Månsson/SvD/TT
توصيل الطلبات في كل الظروف

بعد هذا الانتقال تابعت شركة فودورا عملها في البلدان الأخرى، وتوسعت إلى كل من فنلندا والنرويج، وفتحت أولى أعمالها في السويد في خريف عام 2020، وتعمل جميعها بإدارة مديرها التنفيذي هانس سكروفورش Hans Skruvfors.

توفر فودورا بشكلٍ أساسي خدمة توصيل الطعام في كافة أفرعها، باستخدام تطبيقٍ يجري تحميله على الهاتف المحمول، حيث يقوم العملاء باستخدامه لطلب احتياجاتهم.

FotoStina Stjernkvist/ TT
الأجانب هم أكثر الأشخاص العاملين في فودورا

استغلال العمال الأجانب

برزت مشاكل فودورا منذ أيام عملها الأولى في السويد، وتطورت لاحقاً مع توسع الشركة وفتحها العديد من الأفرع الجديدة لها في البلاد.

تضمنت المشاكل تشغيل الشركة عمالاً بعقود عمل غير واضحة ولفترات قصيرة لا تتعدى الثلاثة أشهر ويجري تجديدها في كل مرة، ولا تربط هذه العقود ما بين العمال ورب العمل بشكل مباشر وواضح، وذلك إثر ثغرة قانونية لا تُغطي بشكل ملزم ما يسمى بـ GIG Workers، أو عُمال الطلب، وهو شكل من أشكال العمل الحر، حيث يقوم العمال بتوظيف أنفسهم لدى شركة الكترونية ما ويقومون بالعمل معها حين يجري طلبهم في أي وقت خلال ساعات العمل، وبحالة فودورا، كان الموضوع متاح لكل من يمتلك دراجة هوائية أو دراجة نارية أو سيارة بالتعاقد مع الشركة وتشغيل مركباتهم لتوصيل الطلبيات لقاء أجر محدد من الشركة عن كل طلب، بالإضافة إلى عمال المستودعات.

FotoMagnus Hjalmarson Neideman/SvD/TT
تضمنت المشاكل تشغيل الشركة عمالاً بعقود عمل غير واضحة ولفترات قصيرة لا تتعدى الثلاثة أشهر

لا يُغطي قانون العمل السويدي هذا النوع من الأعمال بشكلٍ واضح، مما أوجد ثغرة قامت فودورا باستغلال العاملين لديها من خلالها بدرجات كبيرة، وتحديداً العمال الأجانب نظراً لمعرفتهم المتواضعة بنموذج العمل السويدي العام وحقوقهم وواجباتهم والخ.

قال فخر عباس علوي، وهو أحد العاملين في فودورا منذ نحو عامين، أنه كسائق سيارة يعمل بمقابل 0 كرون سويدي بالساعة، بينما يتكون الراتب من 40 كرون فقط عن كل طلب توصيل، ويتحمل السائقون أنفسهم تكاليف وقود السيارات وصيانتها، وتحدث: “إن هذا الأمر مشكلة بالنسبة لنا، فإذا تم إرسالنا لجلب الطعام وتوصيله على بعد 10 كيلومترات أو أكثر، فنحن من سنفقد [من حسابنا] كل من الوقود والوقت” كما يجب على سائقي السيارات دفع مبلغ تأمين مكلف لحركة المرور التجارية، لينفق فخر بالمحصلة حوالي 4000 كرون سويدي شهرياً على تكاليف المركبة ككل.

FotoHenrik Montgomery/TT
برزت مشاكل فودورا منذ أيام عملها الأولى في السويد، وتطورت لاحقاً مع توسع الشركة وفتحها العديد من الأفرع الجديدة لها في البلاد.

وقال فخر أنه كسائق يتلقى مبلغاً تعويضياً قدره 5 كرونات فقط عن كل كيلومتر من المسافة ما بين المطعم والعميل.

وأوضح أنه ضمن سياسة الشركة، بحال عمل لمدة 4 ساعات في أحد الأيام مثلاً، فسيتوجب عليه تعويض الـ 4 ساعات الأخرى من يوم العمل في الأيام اللاحقة كي يتمكن من تلقي أجراً أعلى، مما يجعل الأمر صعباً جداً على السائقين.

وقد كانت هذه هي حال سائقي الدراجات الهوائية والدراجات النارية أيضاً قبل أن يجري تطبيق اتفاقية جماعية بوساطة نقابة النقل السويدية LO.

لتوضح أقوال فخر الآتية مباشرة على لسان أحد عمال فودورا مدى الاستغلال الكبير الحاصل للعاملين في الشركة.

FotoCarl-Olof Zimmerman/TT
تعد الدراجة الهوائية الوسيلة الأكثر شيوعاً لنقل الطلابات

تدخل نقابة عمال النقل LO

خلال عام 2020 استفادت فودورا من أزمة كورونا وإغلاقاتها، وقامت باستغلالها بأقصى الدرجات وضاعفت أرباحها 5 أضعاف، حيث وصل عدد أفرعها في بدايات العام الجاري إلى 50 فرعاً في 50 منطقة مختلفة من السويد، وتوازى هذا التوسع بطبيعة الحال مع ازدياد عدد عمال النقل والمستودعات في الشركة مما سلط الضوء أكثر على مشكلة العمال الجارية.

تدخل نقابة عمال النقل LO

مع ازدياد انتقادات العمال وإلقاء وسائل الإعلام الضوء على هذه المسألة، قامت نقابة عمال النقل LO بالتدخل فيها كوسيطٍ بين العمال ورب العمل من أجل وضع اتفاقية جماعية / kollektiv överenskommelse، وهي نوع من أنواع تنظيم العمل ومنح الامتيازات وضمانة لحقوق العمال التي يجري العمل بها في السويد فضلاً عن قانون العمل السويدي عموماً وعقود العمل الخاصة.

وقالت نقابة عمال النقل أن نموذج العمل السويدي المعروف لا يعمل مع المنصات الالكترونية، وطالبت بإيجاد قوانين وتشريعات أوضح كي تتمكن من مطالبتها بظروف عمل أفضل لعمال الطلب، وأكد رئيس النقابة تومي ريت أنه طالما لا يوجد علاقة واضحة بين الموظف وصاحب العمل بشكل تام فإن نموذج العمل السويدي لن يتحقق هنا، وتابع “إنها مشكلة مجتمعية بات من الصعب جداً معالجتها… نحن بحاجة للمساعدة من المشرّعين لتوضيح من هو صاحب العمل الفعلي”.

ووفقاً لنقابة العمل فهناك حوالي 2500 عامل من سائقي الدراجات الهوائية والنارية، بينما يبلغ عدد سائقي السيارات ما يزيد عن 2000.

FotoFredrik Sandberg/TT
رئيسة نقابة العمال LO

توقيع أول اتفاقية جماعية تخص عمال الطلب في السويد… ولكن؟

تمكنت نقابة عمال النقل بعد مفاوضات مع فيدورا بجعلها توقع اتفاقية جماعية مع عمالها في شهر شباط/فبراير من العام الجاري، لتكون هذه أول شركة GIG في السويد تقوم بتوقيع هذا النوع من الاتفاقيات، وقالت وزيرة العمل إيفا نوردمارك تعليقاً على الحدث “بالنسبة لي كوزيرة عمل فمن الواضح أن الاتفاقات الجماعية هي السبيل للأمام نحو تثبيت النظام” وشددت أنه “لا ينبغي أن يتمكن أحد من الاختباء خلف تطبيق الكتروني والمنافسة بأجور متدنية وظروف عمل سيئة”.

ولكن حينما دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في الأول من شهر نيسان/أبريل، تبين أنها تنطبق فقط على سائقي الدراجات الهوائية والنارية، بينما ظل سائقي السيارات وعمال المستودعات خارجها، والسبب بذلك أنهم باتوا موظفون عن طريق شركتين شقيقتين لفيدورا هما Hungry Delivery و Hero DMart Sweden.

ووفقاً للارس كارلسون من نقابة النقل، والذي شارك بالمفاوضات، فقد كانت الخطة الأصلية هي دمج هذه الشركات سوياً، ولكن “جاءت إجابة منهم أنه من الأفضل فصل العمل في شركات مختلفة، ومن ثم نقلت فودورا جميع سائقي التوصيل السريع إلى Hungry Delivery”.

 شركتين شقيقتين لفيدورا هما Hungry Delivery و Hero DMart Sweden.

وقال تومي ريت “من العبث مواصلة هذا المسار، فإذا أردت الظهور كشركة جادة عليك أن تفعل العكس، أن تدمج الشركات وتتأكد من أن جميع الموظفون مشمولون بالاتفاقية الجماعية”.

بسبب الاتفاقية الجماعية، بات يحصل سائقي الدراجات الهوائية والنارية في فودورا على أجر ثابت بالساعة للاعتماد عليه ويبلغ 70 كرون سويدي، بالإضافة إلى 20 عن كل توصيل، بالإضافة إلى ضمان عطلات نهاية الأسبوع.

ومع بدء تطبيقها في نيسان صُدم سائقي السيارات وعمال المستودعات بعدم شمولهم بها، وقال فخر عباس علوي “فهمت الأمر بعد ذلك، اعتقدت أننا سنكون جزءاً من الاتفاقية الجماعية، ولذلك فقد كان الأمر بمثابة صدمة”. 

Photo TT
بسبب الاتفاقية الجماعية، بات يحصل سائقي الدراجات الهوائية والنارية في فودورا على أجر ثابت بالساعة

تحقيق حكومي في قانون قديم

إثر قضية عمال فودورا ومجمل مسألة عمال الطلب، أجرت الحكومة هذا الصيف تحقيقاً من أجل مراجعة قانون بيئة العمل السويدي، والهدف منه توضيح من هو المسؤول عن بيئة العمل ضمن شركات المنصات الإلكترونية كفودورا، وإغلاق الثغرة الحاصلة.

وزيرة العمل ايفا نوردمارك
Foto: Stefan Jerrevång / TT

تعتقد وزيرة العمل ايفا نوردمارك أن شركات المنصات الإلكترونية تتحدى التشريعات السويدية، وليس أقلها ما يتعلق بحجم مسؤولية صاحب العمل عند تولي أي طلب تجاه عماله، وأشارت أنه “علينا أن نتذكر أن قانون بيئة العمل الموجود لدينا اليوم يعود لفترة السبعينيات، حيث لم يكن هناك شركات التطبيقات الإلكترونية في حينه… يجب على قانون بيئة العمل مواكبة التغيرات الجارية في سوق العمل”.

أخبار السويد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى