أوقفت الشرطة الأوروبية أكثر من 800 شخص في أوروبا إثر إغلاق شبكة اتصالات هاتفية مشفرة كانت تعتمدها مجموعات الجريمة المنظمة في القارة العجوز في التخطيط لمحاولات اغتيال وصفقات مخدرات كبرى.
وكشفت قيادتا الشرطة في فرنسا وهولندا أنهما اخترقتا شبكة “إنكروتشات”، ما مكّنهما من الاطّلاع على ملايين الرسائل “من دون علم” مشتبه بهم خلال تواصلهم، بواسطة أجهزة صنعت خصيصا للتواصل المشفّر.
ما هي شبكة “إنكروتشات”؟
وأعلنت بريطانيا أنها أوقفت 746 شخصا على خلفية هذا الخرق الإلكتروني معتبرة العملية “اختراقا هائلا” على صعيد التصدي للجريمة المنظّمة، علما أن عمليات توقيف أخرى جرت في النرويج وإسبانيا والسويد.
وكانت “إنكروتشات” التي تبيع هواتف مشفّرة خاصة يبلغ سعر الواحد منها نحو ألف يورو، قد وجّهت في يونيو/حزيران رسالة لمستخدميها المقدّر عددهم بستين ألفا نبّهتهم فيها إلى ضرورة التخلّص من الأجهزة نظرا إلى أن خوادمها “صودرت خلافا للقانون من قبل كيانات حكومية”، قبل أن تغلَق الشركة.
وقال نائب المدير التنفيذي في جهاز الشرطة الأوروبية “يوروبول” ويل فان غيمرت في مؤتمر صحافي في لاهاي إن الاختراق الإلكتروني سمح للشرطة بـ”اطّلاع من كثب غير مسبوق” على عالم الجريمة المنظمة ومجموعاته.
وجاء في بيان مشترك لـ”يوروبول” و”يوروجاست”، الهيئة الأوروبية المسؤولة عن تنسيق المتابعات القضائية والأحكام، أن الاختراق الإلكتروني أتاح “عرقلة الأنشطة الجرمية بما فيها الهجمات العنفية، والفساد، ومحاولات القتل وعمليات تهريب المخدرات على نطاق واسع”.
وأشار البيان إلى “تناول بعض الرسائل مخططات لارتكاب جرائم عنفية وشيكة ما أتاح القيام بتحرّك فوري”.
محتوى بعض الرسائل المشفرة “كان مثيرا للقلق لدرجة تفوق الخيال”
وقالت قائدة الوحدة المركزية في الشرطة الهولندية جانين فان دين برغ إن محتوى بعض الرسائل المشفرة “كان مثيرا للقلق لدرجة تفوق الخيال”.
وقالت في مؤتمر صحفي “كان الأمر وكأننا نجلس إلى طاولة مجرمين خلال دردشتهم”.
وبدأت السلطات الفرنسية التحقيق في العام 2017 بعدما تبيّن العثور “بشكل منتظم” خلال عمليات مكافحة المجموعات الجرمية على هواتف “إنكروتشات” التي تستخدم خوادم في فرنسا.
وتابع بيان “يوروبول” و”يوروجاست” المشترك أنه “أمكن زرع جهاز تقني قادر على تخطي تقنية التشفير والوصول إلى مراسلات المستخدمين”.
وأفادت مصادر قضائية بأن ما بين 90 إلى 100 بالمئة من زبائن “إنكروتشات” مرتبطون بالجريمة المنظمة من خلال ما بين 50 ألفا و60 ألفا من الهواتف المتداولة.
بعد ذلك دخلت الشرطة الهولندية على الخط بناء على معلومات أبلغتها بها الشرطة الفرنسية.
وقالت النائبة العامة في مدينة ليل الفرنسية كارول إيتيان لوكالة الأنباء الفرنسية إن فريق التحقيق الهولندي-الفرنسي المشترك تمكّن من فك تشفير “كم هائل من البيانات”.
ومكّن ذلك سلطات إنفاذ القانون من “اعتراض ملايين الرسائل التي تبادلها مجرمون من أجل التخطيط لجرائم خطيرة، ومشاركتها وتحليلها”، وهو ما تم تبادل المعلومات بشأنه مع الشرطة لا سيّما في بريطانيا والسويد والنرويج.
مداهمة 19 مختبرا لتصنيع مادة الميثامفيتامين المخدّرة
وقال آندري كراغ رئيس قسم التحقيقات المركزية في الشرطة الهولندية في مؤتمر صحفي إن الاختراق مكّن الأجهزة من الاطّلاع على ما يخطط له هؤلاء المجرمون في توقيته الفعلي.
وتابع إن الشرطة الهولندية تمكّنت من دهم 19 مختبرا لتصنيع مادة الميثامفيتامين المخدّرة، وضبط أطنان من كريستال الميثامفيتامين والكوكايين، وتوقيف أكثر من مئة شخص.
وفي بريطانيا، أوقفت الشرطة 746 مشتبها بهم، واستولت على أكثر من 54 مليون جنيه (59,8 مليون يورو، 67,5 مليون دولار) و77 قطعة سلاح بينها بنادق هجومية من طراز إيه.كي-47 و1800 طلقة ذخيرة.
وجاء في بيان لمديرة التحقيقات في الوكالة الوطنية لمكافحة الجرائم في بريطانيا نيكي هولاند أن “هذه العملية هي الأوسع نطاقا والأكثر تعمّقا على الإطلاق في المملكة المتحدة في مجال الجرائم المنظمة الخطيرة”.
ودافعت السلطات الفرنسية والهولندية عن قرار الاختراق الإلكتروني لشبكة الاتصالات المشفّرة، واعتبرتا أنها مبرّرة نظرا للأدلة التي تبيّن أنها كانت تستخدم بشكل أساسي لغايات جرمية.
وقال فان غيمرت إن “المنصة التي استهدفت في هذه العملية كانت مصمّمة خصيصا لتلبية احتياجات المجرمين”.
ووجّهت “إنكروتشات” رسالة نصية وصفتها بأنها “طارئة” لمستخدميها في 13 يونيو/حزيران أبلغتهم فيها بأن تشفيرها قد اخترق.
وجاء في الرسالة النصية “اليوم صادرت كيانات حكومية نطاقنا” الإلكتروني، مضيفة “ننصحكم بإطفاء أجهزتكم والتخلّص منها فورا”.