حذر محللون من احتمال انخفاض الليرة التركية بنسبة تصل إلى 15% عند إعادة فتح الأسواق المالية يوم الإثنين. قد يحدث ذلك كرد فعل بعد أن قام الرئيس “رجب طيب أردوغان” بإقالة رئيس البنك المركزي في البلاد. حدث ذلك بعد أيام من ارتفاع حادّ في أسعار الفائدة.
قام أحد الخبراء بوصف القرار على أنه “سيء كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”،حيث صدم أردوغان المستثمرين العالميين بإقالة رئيس البنك بعد خمسة أشهر فقط واستبداله بأحد الموالين للحزب. عارض أردوغان السياسة الاقتصادية التقليدية، كما عارض مراراً استخدام رفع أسعار الفائدة كوسيلة للسيطرة على التضخم المكون من رقمين. حيث قام بإقالة ثلاثة رؤساء للبنوك في غضون عامين. توقع المحللون أن تنخفض الليرة التركية عندما تفتح الأسواق مجدداً بسبب تعرض مصداقية البنك لضربة قوية.
وقد نال رئيس البنك المنتهية ولايته “ناجي أغبال”، والذي تم تعيينه في تشرين الثاني، على استحسان السوق. قد استحق ذلك الاستحسان بعد قيامه برفع معدل السياسة بقوة وبإجمالي 875 نقطة أساس إلى 19%، وهو أعلى معدل في أي اقتصاد كبير.
تم الإعلان عن إقالته المفاجئة في الساعات الأولى من يوم السبت، بعد أن رفع البنك أسعار الفائدة بأكثر من المتوقع (200 نقطة أساس) يوم الخميس في خطوة تهدف إلى كبح التضخم، الذي يبلغ حالياً حوالي 16%، ودعم العملة. على الفور، عيّن أردوغان “ساهاب كافجي أوغلو”، وهو عضو سابق في البرلمان عن حزبه الحاكم (حزب العدالة والتنمية). ومن المُتوقع أن يعكس الرئيس الجديد حالة ارتفاع الأسعار في الأسابيع الماضية.
ما هي ردود الفعل تجاه قرار أردوغان الجديد؟
صرحت شركة “بلوباي” لإدارة الأصول بما يلي: “إن هذا القرار سيء كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهو أسوأ قرار للسياسة العامة يمكننا تذكره في تاريخ أي بلد. ستعبر الأسواق عن آرائها يوم الاثنين ومن المرجح أن يكون رد الفعل سلبياً”.
كما قال “كريستسان ماجيو”، رئيس استراتيجية الأسواق الناشئة في TD Securities في لندن: “يوضح هذا الإعلان الطبيعة غير المنتظمة للقرارات السياسية في تركيا، خاصةً فيما يتعلق بالمسائل النقدية. وقد تباع الليرة التركية بسهولة بما بين 10-15%… سنرى هذا يبدأ يوم الاثنين، عندما يبدأ التداول في آسيا”.
يقول الاقتصاديون أن الافتقار للاستقلال النقدي أدى إلى انهيار الاقتصاد التركي، وساعد في إبقاء التضخم في خانة العشرات في معظم السنوات الأربع الماضية. فقد فقدت الليرة نصف قيمتها منذ 2018. وهذا يعني أن الحكومة ستحاول مرة أخرى تحفيز الاقتصاد من خلال سياسات معدلات منخفضة، هذا ما قالته “سيلفا ديميرالب” (مديرة منتدى البحوث الاقتصادية بجامعة TUSIAD في اسطنبول). كما قالت أن مثل هذا الوضع قد تؤدي لردود فعل عكسية من خلال التسبب بضغوط شديدة على الليرة.
من هو “كافجي أوغلو”؟
إن “كافجي أوغلو” هو رابع رئيس للبنك المركزي في غضون خمس سنوات. إنه معروف جداً بين المصرفيين المحليين ولكنه معروف قليلاً بين الاقتصاديين والمستثمرين الأجانب. وقبل انتخابه في عام 2015 في معقل حزب العدالة والتنمية شمال شرق تركيا، شغل منصب نائب المدير العام في بنك Halkbank كجزء من مهنة استمرت أكثر من 25 عاماً في القطاع المصرفي. توقع أحد البنوك المحلية أن يقوم “كافجي أوغلو” بخفض سعر الفائدة قبل اجتماع السياسة التالي المقرر في شهر نيسان. حيث كتب الخبير الاقتصادي “جيسون توفي” في مذكرة: “هناك الآن فرصة حقيقية للغاية. لأن تركيا تتجه نحو أزمة فوضى في ميزان المدفوعات”.
كيف كان وضع الليرة التركية بعد تعيين “أغبال”؟
منذ تعيين “أغبال” في 7تشرين الثاني، انتعشت الليرة بأكثر من 15% من أدنى مستوى قياسي لها بعد 8.50 للدولار. وقد نال استحسان الاقتصاديين والمحللين الأجانب حيث تدفق إلى الأصول التركية حوالي 20 مليار دولار من الأموال الأجنبية، مما عكس سنوات من التدفقات الخارجية.
استمر أردوغان في المطالبة بخفض أسعار الفائدة، على الرغم من قيامه بتعيين “أغبال” كجزء مما أسماه “حقبة اقتصادية جديدة صديقة للسوق”. وفي إعلانه عن الإصلاحات هذا الشهر، قال أنه يجب يوضع “استقرار الأسعار” جانباً.
اقرأ أيضاً: مستقبل الاقتصاد .. إلى أين ؟ وما تأثيره على القطاعات ؟