اختارت وحدة الاستخبارات الاقتصادية مؤخرا فيينا كالمدينة “الأكثر ملاءمة للعيش
في العالم” ، وكانت العاصمة النمساوية ضمن قائمة المدن التي تمتاز بجودة
الحياة لعدة سنوات ، كما حصلت فيينا هذا العام أيضا على المرتبة الأولي للمرة
التاسعة على التوالي وفق دراسة تعتمد على بيانات مماثلة أجرتها شركة ميرسر
الاستشارية ، ولكن ما السر في هذا الشغف بهذه المدينة الأوروبية متوسطة الحجم
؟
لعبت بعض المتغيرات – مثل توافر الثقافة والفنون وتسهيل الطرق للمشاة
وإمكانية الوصول إلى المنتزهات العامة – دوراً في الدراسات ، وكذلك بعض
الخصائص اليومية العملية مثل تكاليف المعيشة والنقل وحتى جودة خدمات
الصرف الصحي .
تحمل تكاليف المعيشة
تعتبر القدرة على تحمل التكاليف جزءًا مهمًا من هذه الدراسات المتعلقة بجودة
الحياة ، وهذا ما يوضح سبب تميز المدينة الرئيسية في النمسا ، ففي فيينا تعد
الإيجارات منخفضة نسبيا ، فبعد ظهور تصنيفات هذا العام قورنت فيينا بمدينة
لندن ، ووجد أن الإيجار لشقة تقع في موقع مركزي في فيينا كان أقل من نصف
الإيجار من شقة مماثلة في لندن .
فغالباً ما يعاني سكان المدن الكبرى من الإيجارات ، وعادة ما يضطر السكان
للتضحية بالموقع للحصول على أسعار أقل ، وبفضل قوانين الإيجار واستعداد
حكومة المحلية للاستثمار بكثافة في الإسكان الاجتماعي ، فإن الإيجار ليس معقولاً
فقط في فيينا ، لكن السكان يستطيعون العيش بالقرب من قلب المدينة وفي
سكن جيد ، وفي الواقع يعد موقع السكن أحد الأسباب التي جعلت مدينة أخرى ،
وهي فانكوفر ، تحصل على مرتبة مرتفعة هذا العام .
توافر الخدمات
يعد توافر الخدمات التعليمية والاجتماعية والرعاية الطبية من العوامل الأخرى في الترتيب ، كما أن القدرة على التنقل سيراً والوصول إلى وسائل النقل العام من المتغيرات الهامة ، وكذلك إحصاءات السلامة والجريمة .
وتعتبر وسائل النقل هي أحد السمات التي تجتذب زوار فيينا ، فعلى الرغم من صغر حجمها نسبيًا ، فإن المدينة بها خمسة خطوط مترو ، و 127 خط حافلات و 29 خط ترام (والتي تعد سادس أكبر شبكة ترام في العالم) ، ويمكن الوصول إلى وسائل المواصلات من خلال آلات بيع التذاكر متعددة اللغات مع تذاكر فردية وتذاكر غير محدودة .
كما يعد عدم امتلاك سيارة أمرًا هينًا بسبب خدمات النقل العامة المنتشرة وأيضاً بسبب إمكانية السير في فيينا ، حيث حولت المدينة مؤخرا شارع التسوق الشهير Mariahilferstrasse إلى شارع يسهل السير به ، أما وسط المدينة التاريخي فهو ملئ بالطرق المخصصة للمشاة فقط مع المتاجر والنوافير والمقاهي التي يبلغ عمرها قرون .
حجم المدينة
شملت الدراسة مدن من جميع الأحجام المختلفة ، ولكن المدن ذات المجموعات السكانية الأصغر حظت بشكل عام بمراتب متقدمة ، ووفقاً لوحدة الاستخبارات الاقتصادية إن البنية التحتية للمدن المتوسطة الحجم ذات الكثافة السكانية المنخفضة لا تكون متهالكة ، وغالبًا ما تكون معدلات الجريمة فيها أقل .
ومع ذلك ، فمتغير حجم المدن ليس عالميًا ، حيث حصلت كل من أوساكا وطوكيو ، التي تعد واحدة من أكثر المناطق الحضرية اكتظاظًا بالسكان على مستوى العالم ، بمرتبة أعلى في الدراسة نظرًا لمعدلات الجريمة المنعدمة تقريبًا والخدمات العامة والنظافة وشبكات النقل
نوعية الحياة بالنسبة للسياح
تتمتع فيينا بتاريخ طويل وعريق ، وهي لا تزال مركزًا للتجارة والموسيقى الكلاسيكية والثقافة والمقاهي ، وقد أتاحت شركات الطيران منخفضة التكلفة سهولة الوصول إلى فيينا من المدن الأوروبية الأخرى أو من إنجلترا .
وعلى الرغم من الاحتجاجات الأخيرة ضد السياح في بعض أجزاء أوروبا ، إلا أن أراء 90% من سكان فيينا حول السياحة كانت إيجابية ، فوجود السياح لم يؤثر على الحياة اليومية لهم حتى خلال موسم الذروة ، كما أنهم يدركون أهمية السياحة للاقتصاد ، ويتوافر في فيينا ما يزيد على 6 ملايين مكان للمبيت للسياح في السنة ، وهو ما يقرب من ثلث أماكن الإقامة لليلة واحدة في مدن مثل لندن وباريس .