(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ربما تسعى الدنمارك في الأشهر المقبلة إلى تبني قانون سويدي يثبت نجاحه في الحدّ من حالات الاغتصاب، إذ إنّ القانون الدنماركي الحالي يعود إلى عهود بائدة، ويعجز عن حماية النساء الاعتداءات الجنسية في الدنمارك تثير غضب السياسيين والمشرعين، من مختلف الاتجاهات، خصوصاً بعد عجز محكمة دنماركية عن إصدار أيّ حكم في حق أربعة شبان (بين 22 و26 عاماً) اغتصبوا جماعياً شابة (19 عاماً) بحجة “عدم كفاية الأدلة” في منتصف شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، في غرب البلاد. وكانت لائحة الاتهامات قد شملت “تخدير الشابة لتسهيل الاعتداء عليها وتصويرها أثناء الواقعة”. وأدت البراءة إلى موجة غضب شعبي وقضائي دفعت ببعض المشرّعين المحافظين وفي يسار الوسط، إلى اقتراح إعادة النظر بقانون العقوبات، بعدما توالت حالات “التبرئة” وامتناع نساء عن تقديم شكاوى بسبب تساهل القوانين وشعورهن بأنّ المحاكم تقف عاجزة عن حمايتهن.
آخر المقترحات الداعية إلى مراجعة قانون العقوبات عرضها السبت 22 سبتمبر/ أيلول البرلماني المحافظ، ناصر خضر، بهدف “إيجاد إطار قانوني يجعل من كلمة لا التي تقولها المرأة ذات أهمية في إطار البحث القانوني للقضايا المرفوعة أمام المحاكم” بحسب ما أوضح للقناة التلفزيونية الدنماركية “دي آر”. ويبدو أنّ إعلان خضر لقي سريعاً الترحيب من قبل مختلف الأحزاب، إثر توضيحه أنّ “التراضي” يقصد به حماية النساء من الاعتداء بحجج مختلفة يقدمها المعتدون، وهو تبنّ لقانون شبيه يطبق في السويد وبريطانيا. يقول خضر لـ”العربي الجديد” إنّ النساء في قضية مثل التي فجرت الجدال، المتعلقة بتبرئة الرجال الأربعة من تهمة الاغتصاب، يصعب عليهن قول “لا” إذ إنّهن غير قادرات على حماية أنفسهن خصوصاً في حالة التخدير أو التهديد بالعنف أو ممارسته لاجبارهن على الجنس. وشهدت احتجاجات منتصف الشهر ضد قرار محكمة هيرنينغ (غرب) المطالبة بـ”حلول فورية وقضائية مشددة لحماية المعتدى عليهن”. وذهبت أحزاب يسار ويسار الوسط إلى التعبير عن “الغضب من قرار بتبرئة من الاغتصاب وفي الوقت نفسه يصدر حكم بتهمة تصوير الفتاة وانتهاكها جنسياً. لذلك، فإنّ السؤال السياسي (التشريعي) المطروح أمامنا هو كيف نساعد النساء على ألا يكون وضعهن القانوني ضعيفاً” بحسب ترينا برامسن مقررة الشؤون القضائية في الحزب الاجتماعي الديمقراطي المعارض لحكومة يمين الوسط، التي يشارك فيها حزب ناصر خضر (الشعب المحافظ) بوزير العدل سورين بابي. ورأت برامسن أنّ ما جرى “صرخة تصل إلى السماء، وعلينا الآن التوقف أمام هذا الوضع السيئ للغاية”. وقد رأى زميلها كارستن هونغ، مقرر الشؤون القضائية في حزب الشعب الاشتراكي اليساري، أنّه على المشرعين أن يغيروا القانون، “فإذا كانت المرأة غير قادرة نتيجة تأثير ما، على قول لا أو رفض ما يجري (من اعتداء وانتهاك جنسيّين) فإنّه يجب على القضاة أن يصطفوا إلى جانب النساء”
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اغتنم عدد من الأحزاب والمشرعين يومي السبت والأحد الماضيين، الفرصة لتأييد مقترح ناصر خضر بتشديد العقوبات بعد موجة جدال كبير، قضائي وشعبي وقانوني، خصوصاً قول متخصصين في تطور قانون الدنمارك إنّ قانون معاقبة الاعتداء الجنسي يستند إلى “قانون الدنمارك” (Danske Lov) الذي يعود إلى عام 1683. وأشارت البروفسورة في القانون في جامعة كوبنهاغن، ترينا باومباك، في حديث للتلفزيون الدنماركي، إلى أنّ “قانون عقوبات الجرائم الجنسية يستند بشكل عام إلى قانون الدنمارك من ذلك العام، وليس إلى فهمنا المتحضر لبنية وتركيبة المجتمع الحديث والمساواة والإنسانية والحريات الشخصية”. ويرتبط ذلك القانون أساساً بعقوبة تتعلق بـ”معاقبة من يقدم على فضّ عذرية الفتيات”. في الدنمارك، تعاني 5100 امرأة وفتاة سنوياً ممّا يعرف بـ”الإجبار على الجنس” لكنّهن لا يتقدمن جميعهن بشكاوى إلى الشرطة، بحسب ما تشير أرقام “مجلس الوقاية من الجرائم” في كوبنهاغن. وتفيد الأرقام بأنّ عام 2017 وحده شهد نحو ألف قضية وصلت إلى الشرطة، أي بزيادة عن عام 2016 الذي وصل فيه عدد الشكاوى إلى 791، وهي شكاوى تتعلق بالاغتصاب أو محاولة الاغتصاب. بحسب تلك الأرقام، فإنّ 70 في المائة من الحالات جرت فيها ممارسة العنف أو التهديد به. وبينما يوجّه لهم الادعاء الاتهامات، لا يحكم على الجميع بعد وصول القضايا إلى المحاكم، إذ تبيّن الأرقام أنّ 54 شخصاً سنوياً فقط يُدانون بالاغتصاب، في حين تشكل نسبة الإناث المعتدى عليهن 84 في المائة من المجموع العام.
في السياق، رأت منظمة العفو الدولية في مايو/ أيار الماضي، أنّ تبني البرلمان السويدي قانون “التراضي” خطوة جدية لحماية النساء والفتيات في وجه المعتدين. ويستند ذلك القانون ببساطة إلى تسهيل الحكم على الذكور ممّن يرتكبون اعتداءات جنسية على النساء “في حال تعبيرهن عن عدم الرغبة وإذا ما بكين وأظهرن عدم تجاوب مع العملية الجنسية، فإنّ الشخص المشارك فيها على الرغم من كلّ الإشارات الرافضة يُعدّ مغتصباً ومعتدياً. ويمكن الحكم عليه بمحاولة الاغتصاب أو الاغتصاب، إذا ما استخدم التهديد ضد امرأة حتى لو كانت شريكته في المنزل. ويفترض مستقبلاً الأخذ بالاعتبار أنّ طوعية العلاقة الجنسية يُعبَّر عنها بالمشاركة النشطة وليس باعتبار الصمت قبولاً” بحسب القانون. ويحاول مشرعون دنماركيون تبني بعض ما جاء في تعديلات القانون السويدي المطبق منذ صيف هذا العام، والذي أدى وفق أرقام أولية متخصصة إلى تراجع حالات الإجبار على ممارسة الجنس خلال شهرين من التطبيق.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ناصر السهيلي – العربي الجديد