(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
تشير أرقام مركزي الإحصاء والخصوبة الدنماركيين إلى أن 20 ألف مواطن ولدوا من بويضات وحيوانات منوية متبرع بها من مجهول لتجاوز مشكلة العقم.
وبعد مرور 40 عاماً على التشريع الذي يسمح باستخدام تقنية الحمل بالتبرع، يعود الجدل، اليوم، حول النتائج على الذين ولدوا وفق تلك التقنية، وعلى مجمل المجتمع الدنماركي.
وفي حالات كثيرة تفاجأ بعض الأبناء، بعد اكتشافهم بالصدفة أن آباءهم ليسوا الآباء البيولوجيين. الدنماركية جينيت تاركوفيسكي(31 عاماً) أصيبت بالصدمة حين خضعت لفحوصات طبية في المستشفى للكشف عن مرض وراثي قد يصيبها، وأخبرها الطبيب بأن المرض “سيكون وراثياً من جهة الأب”. لأن أمها اعترفت لها بأنها لن تصاب به “لأن والدك ليس الأب البيولوجي”.
ومنذ 4 عقود لا يوجد تشريع يسمح لهؤلاء بمعرفة المتبرعين، باعتبار أن “العملية تجري بسرية ويبقى مصدر الحيوانات المنوية مجهولاً”، ومن بينهم نحو ألف طفل ولدوا بهذه الطريقة في عام 2016.
“أبناء المانحين” يذهبون اليوم لفتح نقاش حول “حق معرفة نصف الأشقاء، ومن تبرع بالحيوانات المنوية”، بحسب مبادرة جينيت تاركوفيسكي. ويذهب هؤلاء خصوصاً لمعرفة ما إذا كان المتبرع أيضاً من داخل أو خارج البلد، إذ يتيح القانون أن يكون التبرع من دول أوروبية أخرى.
وبالنسبة للباحثين في الخصوبة والولادات فإنه “كلما جرى تعريف الأطفال مبكراً أنهم نتاج تبرع كلما سهل عليهم التعايش مع الأمر بدل أن يعيشوا صدمة في وقت لاحق في حياتهم”. وكما في حالة جينيت التي وجدت الإجابة عن أسئلة كثيرة عن “الاختلاف عن الباقين في العائلة، وكيف أصبحت عيناي خضراوين وعندي عسر قراءة، في حين البقية لديهم عيون زرقاء”. وتقول “شعرت دائماً أن هويتي كانت مختلفة فهم (في العائلة) لديهم توجه إبداعي موسيقي، في حين كنت مختلفة تماماً في اتجاه الثقافة الكلاسيكية، وسبب ذلك جيني بالتأكيد”، شارحة جينيت قصتها للقناة التلفزيونية الثانية.
الأطباء المختصون في الجينات يؤكدون أنه من الضروري إخبار هؤلاء الآلاف الذين يتزايد عددهم بهويتهم الحقيقية بدل تركهم عرضة للإحباط والصدمة بعد اكتشاف الحقيقة في سن متأخرة. إذ يرى البروفسور في بيئة الطفولة بجامعة كوبنهاغن، توماس فيرغ، أن “إشكالية نفسية تترافق مع الطفل المولود من حيوانات منوية لشخص متبرع، عند السؤال عن التشابه من عدمه مع الأب، آخذين بالاعتبار أن 50 في المائة من جيناتهم هي من الأب المتبرع وليس الأب الذي رباهم”.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
الأمر ربما كان أسهل على هؤلاء الأطفال الذين كبروا في عائلات بالتبني. ففيها يحق للطفل معرفة أبويه الحقيقيين، ولو كانوا من آسيا أو أميركا اللاتينية، عدا عن هؤلاء الذين يجري تبنيهم داخل الدنمارك. وتتعامل الدنمارك بصرامة مع تبني الأطفال.
ما يفسر أيضاً أنه خلال العقود الماضية “توجه كثيرون إلى تلقي تبرع الحيوانات المنوية والبويضات بدل الدخول في مسائل التبني”، بحسب الباحثة في جامعة كوبنهاغن ميريتا لوبيرغ، التي تؤكد “أن كلفة التبني وشروطه ارتفعت كثيراً، وللأسف حول بعضهم في الخارج مسألة التبني إلى تجارة”.
وعلى النقيض من بعض الدول الأخرى التي تسمح بهذا النوع من التبرع للحمل، فإن الدنمارك لم تؤسس مركزاً يعنى بتسجيل الجهات المانحة والمستقبلة للالتقاء مثلاً في المستقبل.
وعلى عكس أطفال التبني، الذين يسافر بعضهم للقاء آبائهم البيولوجيين حول العالم، بعد سن الثامنة عشرة، فإن “أطفال التبرع” ليست لديهم الكثير من الآمال. وعليه شرع مبادرون في كوبنهاغن، بالتعاون مع القناة الثانية، بإجراء مسح للحمض النووي للوصول إلى بيانات تعرف هؤلاء على المتبرعين وما إذا كان لديهم نصف أشقاء.
وبعض عيادات التلقيح الاصطناعي تعاملت بطريقة ربحية مع الحيوانات المنوية والبويضات، وتكتمت عن وجود أمراض وخلل جيني في بعض ما ملكته في بنوك الحيوانات المنوية، وخسرت بعض الأسر قضايا مرفوعة بحق العيادات.
وراجت في السنوات الأخيرة، خوفاً من المني الذي قد يكون فيه أمراض خطيرة وخلل جيني، ظاهرة بحث الناس بأنفسهم عن متبرعين. وأثارت تلك الطريقة نقداً كبيراً لاحتمال تحويلها إلى تجارة مكلفة تصل قيمتها إلى نحو 50 ألف كرونة (6250 دولاراً)، قيمة الفحوص قبل التلقيح.
وساهم انخفاض الولادات في الدنمارك في السنوات الأخيرة في ارتفاع أصوات المشرعين والمختصين داعين الشعب للإنجاب. ومع عزوف نحو 12 في المائة من السيدات الدنماركيات عن الإنجاب، تزيد الدعوات إلى تسهيل التلقيح الصناعي، وتوفير مساعدات مالية ضخمة في العلاج. ويترافق مع ذلك تحذير بأن الأمور تتحول إلى مؤشر خطير بأن يصبح واحد من كل عشرة أطفال مولودين بمساعدة عيادات التلقيح الصناعي.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
** ناصر السهيلي **
العربي الجديد