الاهتمام بالحراك المسرحي العالمي لا ينحصر فقط في المواضيع والأفكار والأداء
التمثيلي، بل بالرؤى التي تطور طريقة العرض، وربما تابع الكثيرون ذلك الجدل
الكبير الذي أثير حول ضرورة الخروج من العلبة الإيطالية؛ أي شكل المسرح
التقليدي، وذلك بغرض الاقتراب أكثر من الجمهور بطريقة تحقق التفاعل بين
الممثل والمتلقي.
في وسط بحيرة «كونستانس» العائمة، أقيم مسرح عائم في مدينة بريجنز وهي
عاصمة ولاية فورارلبرغ بدولة النمسا وتقع على الشواطئ الجنوبية الشرقية لبحيرة
كونستانس، وهي من المدن الساحرة التي تحتوي على العديد من المعالم
السياحية الرائعة، وهو من المسارح التي حاولت الخروج عن الشكل التقليدي على
مستوى العروض الموسيقية والمسرحية، ويقام فيه كل عامين مهرجان شهير تشد
إليه رحال الدراميين والموسيقيين كما يقدم عروضاً أوبرالية بمشاركات دولية
واسعة، الأمر الذي أكسبه شهرة كبيرة على مستوى العالم، ويتميز بقدرة استيعابه
للجمهور تصل إلى 7 آلاف شخص يجلسون على الشاطئ، بينما خشبة المسرح
تكون عائمة في مياه دافئة، وتعتبر مدينة بريجنز إحدى أشهر المدن الثقافية على
مستوى العالم.
ظل مسرح بريجنز يعمل منذ افتتاحه في عام 1946، لكنه كان مسرحاً عادياً، ليتطور بعد ذلك في تسعينات القرن الماضي، ويصبح قمة في الغرابة في كل شيء، في البناء وفي المكان والشكل، ويقيم المسرح أيضاً حفلة للنوم حيث تقدم موسيقى صممت بطريقة تغري الزوار على النوم.
لكن الميزة الأكبر والتي تتسم بالغرابة والدهشة هي الشكل التصميمي للمسرح، حيث إنه يغير شكله كل عامين، ففي بداية تصميمه كان على شكل جسر مهدم، وتم تغييره ليصبح بهيئة كتاب يتصفحه شخص على هيئة هيكل عظمي، وحظي التصميم الخاص بعام 2001 بأكثر نسبة إعجاب، حيث أخذ شكل طاولات وكراسي، أما في عام 2003، فتحول إلى شكل مقعد من الزجاج والألمنيوم، وبعدها أخذ شكل مصنع للطاقة، وفي عام 2007، تحول إلى عين متحركة.
ولعل ما جعل ذلك المسرح يكتسب كل تلك الشهرة، الغرابة في شكله وتصميمه الذي يستجيب لنوع العرض وفكرته، إضافة إلى أنه لا يقتصر في نشاطه على المسرح فقط، بل يقدم جملة من الأنماط الفنية والإبداعية، فهو يعرض أفلاماً معاصرةً، وأخرى قديمة تحت سماء مكشوفة، حيث لا يوجد سقف، ويتميز باحترامه وجاذبيته وعروضه الهادفة التي تحمل أفكاراً معاصرة تخدم الإنسانية، لذلك فهو يجد إقبالاً سياحياً كثيفاً.