الدنمارك: 900 لاجئ سوري على قوائم “تسريع الترحيل”
الدنمارك: 900 لاجئ سوري على قوائم "تسريع الترحيل"
يتّجه وزير الهجرة والدمج الدنماركي، ماتياس تيسفايا، نحو الطلب من السلطات تقييم إعادة سريعة للاجئين السوريين. ويخصّ تيسفايا في طلبه السوريين الذين حصلوا على حماية (لجوء) مؤقت من مناطق محافظة دمشق وعليهم العودة إلى بلدهم.
ويتّخذ طلب الوزير الدنماركي “عودة أكثر من 100 ألف لاجئ سوري العام الماضي من دول الجوار”، كمبرر لاعتبار أن لاجئي الدنمارك السوريين، وبالأخص من محافظة دمشق، لم يعودوا بحاجة إلى حماية. واتخذ مطلبه صفة تسريع القضايا بصدد الترحيل بعد أن قام مجلس اللجوء (مجلس يدرس قضايا اللجوء وفيه قضاة ومحامون) بدراسة 5 نماذج من لاجئي تلك المناطق في دمشق ومحافظتها، خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين، إذ توصل المجلس إلى قراره بضرورة مغادرتهم إلى سورية “بعد انتفاء الحاجة للحماية”.
ويصرّ الوزير، بعد عام على تشكيل حكومة يسار الوسط، الاجتماعي الديمقراطي برئاسة ميتا فريدركسن، على انتهاج خط متشدد من قضايا اللجوء والهجرة، ويتهمه اليسار بتبني سياسات حكم يمين الوسط السابق، تحت ضغوط من اليمين المتشدد الذي شكل أرضية برلمانية لتغيير سياسات الدنمارك.
وبحسب تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي الدنماركي عن تيسفايا في وقت متأخر من مساء أمس الأحد وصباح اليوم الاثنين، فإن “100 ألف عادوا من مناطق الجوار السوري” لتبرير ما يراه “أمراً واقعياً أن يعود مواطنوهم أيضاً من المقيمين في أوروبا، حين لا يحتاجون إلى حماية، وقد قرر مجلس اللجوء خلال الأسابيع الماضية تطبيق هذا الأمر (الترحيل) على 5 قضايا ممن لم يعودوا بحاجة لحماية، وهم من مناطق دمشق ومحيطها”. وقال الوزير الدنماركي ” بذلك أرى أن الأمر طبيعي جداً أن نقيّم الحالات المتراكمة التي حضرت من تلك المناطق (محافظة دمشق)”.
الجدير بالذكر أن مئات السوريين يقيمون بصفة مؤقتة، كانت تجدد إقاماتهم سنوياً، وتوقفت دائرة الهجرة العام الماضي عن تجديد بعضها، ما نشر خوفاً بين عموم السوريين من سياسة جديدة لترحيلهم إلى سورية. وكان وفدان رسميان زارا دمشق وبيروت خلال نهاية 2018 وبداية 2019 وتوصلا إلى أن دمشق ومحافظتها “مناطق آمنة”. والتقى الوفدان قيادات سياسية وأمنية من النظام السوري. وهو ما أثار سجالاً خلال خريف 2019 أوقفه اندلاع أزمة كورونا، ليعود تسفايا إلى الدفع بمشروع الترحيل مجدداً.
وبحسب ما يتضح صباح اليوم الاثنين، فإنه من غير المعروف أعداد الذين سيعاد تقييم لجوئهم بقصد التسفير إلى دمشق. ولكن، ووفقاً لبيان صحافي لدائرة الهجرة فإنه “مع قدر كبير من عدم اليقين فإن الأمر يتعلق بحوالي 900 حالة سيجري البت فيها خلال العام الحالي”. وشهد ديسمبر/كانون الأول الماضي مناقشة مجلس اللجوء لقضية رفضت دائرة الهجرة تجديد إقامتها بحجة القدوم من محافظة دمشق، وأيد المجلس قرار الدائرة باعتبار تلك المناطق “لم تعد تشكل خطورة لدرجة السماح ببقاء اللاجئ أو تمديد تصاريح الإقامة المؤقتة بموجب قوانين الدائرة عن الحماية المؤقتة”. وينص القانون المعمول به في الدائرة المسؤولة عن الإقامات بأنه تمنح الحماية المؤقتة للأشخاص “الذين يمكن أن تشكل عودتهم إلى وطنهم خطراً على حياتهم، كالتعرض لعقوبة الإعدام أو التعذيب أو المعاملة والعقوبة المهينة وغير الإنسانية”.
ومنذ التدفق الكبير للاجئين نحو أوروبا في 2015 شددت الدنمارك من قوانينها، وانتهجت سياسات تأخير لم شمل اللاجئين بالأزواج والأطفال، واحتساب وجودهم في البلد وجوداً مؤقتاً ريثما تتحسن ظروف بلادهم، وطبقت على السوريين في ظل حكومة اليمين السابقة ظروف صعبة فيما خص العمل والإقامة في البلد.
وقامت الجارة السويد بتشديد حدودها مع الدنمارك لمنع قدوم اللاجئين عبر أراضي الدنمارك التي طبقت بدورها رقابة صارمة على حدودها مع ألمانيا، ومنحت الشرطة حق منع دخول طالبي اللجوء من خلال كل وسائل النقل البرية والبحرية مع ألمانيا. ولا تطبق السويد حتى الآن سياسة ترحيل تخص السوريين، إنما ترفض طلبات كثيرين يقيمون بصفة “طالبي لجوء” مستأنفين وبعضهم انتهت سبل الاستئناف أمامهم وينتظر بعضهم لسنوات على لوائح الترحيل، والتي طبقت بشأن لاجئين أفغان وأوقفتها جائحة كورونا.
ويبدو أن عودة مناقشة كوبنهاغن لسياسة تسفير اللاجئين تثير مخاوف آلاف ممن يقيمون بصفة مؤقتة، ومئات يقيمون في معسكرات مؤقتة ريثما يحين ترحيلهم باتفاق مع دول المصدر. ومن غير المعروف حتى الآن الآلية التي يريد من خلالها تسفايا إعادة مئات السوريين الذين تقدموا بطلبات لجوء باعتبارهم لاجئين من دمشق وريفها، وإن كان النقاش يدور حول الترحيل من خلال مطار بيروت، حين تسمح الظروف، وليس إلى مطار دمشق مباشرة.