إن الهزيمة ليست ممتعة على الإطلاق ويصعب تقبلها خاصة عند الأشخاص الذين يملكون استحقاق نفسي كبير، حيث يعتقدون أنهم يستحقون الأفضل. في الواقع، يؤدي الظلم إلى إثارة غضب الناس، في حين أن الحظ السيئ يخيب الآمال.
على كل الأحوال، لا ينطبق ذلك على الجميع. ففي سلسلة من الدراسات، تم اكتشاف أن الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من “الاستحقاق النفسي” والذين يعتقدون أنهم يستحقون أشياء جيدة شعروا في الواقع بأنهم “ضحايا”، وغضبوا عندما واجهوا أو تذكروا أو تخيلوا حظاً سيئاً يصيبهم.
بالنسبة لمعظمنا، نشعر بالغضب عندما يتسبب شخصٌ آخر في معاناتنا. إنها حالة غير مريحة، وغالباً ما ترتبط بفقدان النوم بالإضافة لضعف الأداء الاجتماعي والمعرفي.
وعندما يترافق الغضب مع العدوانية، ستظهر عواقب شخصية وطبية وحتى قانونية، ناهيك عن الخجل والندم. ومع ذلك، يجب أن يتم التعبير عن الغضب بطريقة صحيحة حتى يحصل الشخص على ما يريد. سيدرك الآخرون بسبب غضبك أنهم يعاملونك بشكل “غير عادل”، مما سيدفعهم لإعادة النظر في أفعالهم. على سبيل المثال، عندما يتقاعس زميلك في العمل عن واجباته قد يدفعه غضبك للالتزام بشكل أكبر.
من ناحية أخرى، يصعب رؤية أي جانب إيجابي للغضب كرد فعل على “سوء الحظ”. لكن ما يتوقعه الناس يختلف على نطاق واسع. وجدنا أنه بالنسبة للأشخاص الأكثر استحقاقاً نفسياً، فإن سوء الحظ أو عدم حصولهم على ما يريدون سيشعرهم بالظلم الكبير.
تجارب تم إجراؤها لفحص علاقة الاستحقاق النفسي بالغضب:
لاختبار هذه الفكرة، قمنا بفحص ما إذا كان الأشخاص ذوو المؤهلات العالية أكثر عرضة للغضب عندما يواجهون الحظ السيئ. كجزء من دراستنا، طُلب من حوالي 200 مشارك الموافقة أو عدم الموافقة على عبارات مثل “يجب أن تسير الأمور لصالحي”، كمقياس شائع الاستخدام لاستحقاقهم النفسي. كما طلبنا منهم إبلاغنا عن توقعاتهم بشأن حظهم الشخصي. بعد ذلك، تم إخبار المشاركين أنه تم تعيينهم “عشوائياً” لإكمال مهمة مملة (كعد الأحرف في فقرة) بدلاً من مهمة ممتعة (كتقييم شريط كوميدي). وقبل البدء بالمهمة المملة، أشار المشاركون لشعورهم بالظلم لاضطرارهم القيام بهذه المهمة بدلاً من المهمة الممتعة. وكما هو مُتوقع، وجدنا أن الأشخاص المؤهلين الذين يتوقعون حظاً أفضل، شعروا أنهم قد خُدعوا وغضبوا بسبب إعطائهم المهمة المملة للقيام بها.
بعد ذلك، أجرينا تجربة أكبر مع ضعف عدد الأشخاص، حيث تم اختيار المشاركين عشوائياً للتفكير في وقت كان لديهم فيه حظ سيئ، مع عدم إلقاء اللوم على أحد، أو الوقت الذي تمت فيه معاملتهم بشكل غير عادل من قبل شخص آخر.
بعد تسجيل ذكرياتهم، أبلغ المشاركون عن مشاعرهم باستخدام مقياس موحد. في هذه الدراسة الثانية، كانت هناك علاقة أقوى وبشكل ملحوظ بين الاستحقاق النفسي والغضب في حالة سوء الحظ.
على الرغم من أن جميع المشاركين شعروا بالغضب بعد تذكرهم لمعاملة غير عادلة، فإن المشاركين الأكثر استحقاقاً كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن الغضب بعد تذكر تجربة سيئة (كالحوادث والأمراض).
هل ظلم الآخرين يسبب غضب الأشخاص الأكثر استحقاقاً؟
في تجربة ثالثة، قمنا بالتحقيق فيما إذا كان الأشخاص الأكثر استحقاقاً قد شعروا بالغضب استجابة لسوء حظ الآخرين أو فقط عندما وقعوا هم أنفسهم ضحية لسوء الحظ.
وكما هو متوقع، كلما زاد الاستحقاق زاد الغضب المُعبر عنه ذاتياً، ولكن فقط عندما يتأثر المشارك نفسه. أما عندما كانت المعاناة تخص غيرهم، لم يكن الأشخاص ذوو الاستحقاق النفسي الكبير أكثر غضباً من الذين كانوا أقل استحقاقاً.
من خلال دراساتنا، وجدنا أن الأشخاص الذين يملكون شعور مُبالغ فيه بالاستحقاق كانوا أكثر عرضة للغضب من سوء الحظ. لقد واجهنا جميعاً أشخاصاً مثل هؤلاء، والذين يظهرون مستويات عالية جداً من الاستحقاق النفسي. وعندما يكون أحدهم هو زميلك في العمل أو أحد أفراد أسرتك، فإن التشابك أمرٌ لا مفر منه.
في هذه المواقف، تذكر أن غضب صاحب الحق لا يعني بالضرورة أنك تظلمه. يمكن أن نتعاطف معهم، إلا أن إحساسهم بالإيذاء والغضب قد يكون ببساطة بسبب التعامل معهم بطريقة سيئة. بدلاً من المعاملة الجيدة التي يشعرون أنهم يستحقونها.
اقرأ أيضاً: ما تأثير الحياة الخالية من الضغط والتوتر على الصحة النفسية للإنسان؟