سياسة الأمر الواقع.. تجارب 5 دول قررت “التعايش” مع كورونا
سياسة الأمر الواقع.. تجارب 5 دول قررت "التعايش" مع كورونا
بعد مرور أكثر من عام ونصف على تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، رأت حكومات عدة أن الوقت قد حان لإنهاء الإجراءات الاحترازية، وتبني نموذج “التعايش مع وباء كوفيد- 19″، فيما رأت دول أخرى أن سلبيات سياسة الإغلاق والوقاية تفوق فوائدها ولاسيما في الجانب الاقتصادي.
وعرضت “شبكة سي إن إن” الإخبارية تجارب خمس دول قررت وقف العمل بإجراءات الوقاية والعودة إلى الحياة الطبيعية بقدر الإمكان، ويأتي في مقدمة تلك البلدان، الدنمارك التي ألغت جميع التوصيات التي جرت العادة على التقيد بها في معظم دول أنحاء العالم.
فقد بات بإمكان الدنماركيين الآن دخول النوادي الليلية والمطاعم دون إظهار شهادة لقاح أو فحص سلبي لفيروس كورونا، فيما رجع الناس إلى استخدام وسائل النقل العام دون ارتداء كمامات واقية أو تحديد عدد أقصى للركاب.
ويكمن مفتاح نجاح الدنمارك جزئيًا في العودة إلى تلك الحياة الطبيعية في حملة التطعيم التي شملت إعطاء اللقاحات بشكل كامل لأكثر من 74 ٪ من سكان البلاد.
وبحسب وزير الصحة الدنماركي، ماغنوس هيونيك، فقد بلغ معدل انتقال العدوى في البلاد 0.7، وفي حال كان معدل العدوى أعلى من من 1.0، فهذا يعنى أن معدل الإصابات في ازدياد.
وقال هيونيك في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع توتير، أمس الأربعاء، إن “اللقاحات وجميع الجهود الكبيرة التي بذلتها الدنمارك على مدى فترة طويلة من الزمن هي التي أوصلتنا إلى هذه النتيجة الجيدة.
ولكن ورغم نبرة التفاؤل، كان الوزير الدنماركي قد حذر في وقت سابق من الشهر الماضي بالتزامن مع الإعلان عن العودة إلى الحياة الطبيعية أن الوباء لم ينتهي، مردفا: “لن تتردد الحكومة في اتخاذ أي إجراءات مناسبة وبشكل سريع إذا هددت الجائحة القطاعات الحيوية في مجتمعنا مرة أخرى”.
“استراتيجية جديدة”
أما في سنغافورة، فقد أعلنت حكومة سنغافورة في يونيو الماضي أنها تخطط لإقرار استراتيجية جديدة للتعايش مع وباء كوفيد-19 بالهدف السيطرة على تفشي الجائحة من اللقاحات و ومراقبة حالات الاستشفاء بدلاً من تقييد حياة المواطنين.
وأعلن المسؤولون الصحيون في تلك الدولة الثرية أنه بات بالإمكان التعايش مع هذا المرض بشكل طبيعي رغم أن الفيروس قد لا يختفي أبدا.
وبدأت السلطات في تخفيف بعض القيود خلال شهر أغسطس الماضي، مما سمح للأشخاص الذين جرى تطعيمهم بالكامل بارتياد في المطاعم والاجتماع على طاولة تضم خمسة أشخاص بعد أن كان الأمر مقتصرا على فردين في الماضي.
ولكن الارتفاع المفاجئ في الحالات الناجمة عن متحور دلتا شديد العدوى قد وضع هذه الاستراتيجية تحت ضغط، مما دفع المسؤولين إلى التوقف مؤقتًا عن إعادة فتح البلاد أكثر، إذ حذر المسؤولون في الأسبوع الماضي من أنهم قد يحتاجون إلى إعادة فرض القيود والإجراءات الاحترازية إذا لم يجري احتواء التفشي الجديد.
وقالت فرقة العمل المسؤولة عن مكافحة الجائحة في سنغافورة إنها ستحاول الحد من تفشي المرض من خلال تتبع جهات الاتصال الأكثر عدوانية، وإجراء المزيد من الاختبارات الإلزامية المتكررة للعمال المعرضين لخطر الإصابة بمرض كوفيد-19.
ورغم جميع الإجراءات التي اتخذت، فقد أعلنت سنغافورة يوم الثلاثاء عن أعلى حصيلة للإصابة بالفيروس التاجي في يوم واحد منذ أكثر من العام، ولكن السلطات أكدت أن عدد الحالات الخطيرة لا يزال منخفضا بفضل حملات التطعيم.
وكانت سنغافورة قد اتبعت في السابق سياسة”صفر-كوفيد” الصارمة قبل تغيير نهجها بشأن ذلك، ولديها حاليا واحد من أعلى معدلات التطعيم في العالم ، إذ تم إعطاء جرعتي لقاح لنحو 81 بالمئة من السكان.
“السياحة أهم”
وبالانتقال إلى تايلاند، أوضح مسؤولون في وقت سابق من الأسبوع الماضي أن بلادهم تخطط لإعادة فتح العاصمة، بانكوك، ووجهات شهيرة أخرى أمام الزوار الأجانب الشهر المقبل، وذلك بغرض إعادة الروح إلى قطاع السياحي الحيوي جدا بالنسبة لاقتصاد تلك المملكة الآسيوية.
ووفقًا للخطط، فسوف يسمح للسائحين الحاصل على اللقاحات بشكل كامل دخول البلاد بعد تقديم فحص كورونا سلبي حديث.
وكانت تايلاند قد سمحت للسياح الأجانب الحاصلين على اللقاح بزيارة، جزيرة فوكيت، اعتبار من 1 يوليو الماضي دون الحاجة إلى حجر صحي، لتطبق نفس الإجراء لاحقا في جزر كوه ساموي وكوه فا نجان وكوه تاو.
ومع أن تايلاند تمكنت من إبقاء أعداد حالات الإصابة بالفيروس منخفضة في العام 2020 بفضل إجراءات الاحتواء الناجحة، ولكنها كافحت هذا الام لإبقاء الحالات تحت السيطرة، مع الإشارة إلى أنه جرى تطعيم أقل من 18٪ من سكان البلاد بشكل كامل حتى تاريخ 13 سبتمبر الحالي.
التخفف من قيود صارمة جدا
وفي القارة السمراء، بدأت جنوب إفريقيا في تخفيف العديد من القيود مع انخفاض معدلات الإصابة في البلاد، فقد جرى اختصار فترة حظر التجوال الليلي على مستوى فأصبحت من الساعة 11 مساءً ليلا حتى الساعة 4 فجرا، فيما زاد حجم التجمعات المسموح بها إلى 250 شخصًا في الأماكن المغلقة و 500 في الهواء الطلق، بالإضافة إلى تخفيض القيود المفروضة على بيع المشروبات الكحولية.
وكانت جنوب أفريقيا من أكثر البلدان التي فرضت قيودا صارمة للغاية، حيث جرى حظر جميع أنواع التجمعات باستثناء الجنازات.
وقد حذر رئيس البلاد، سيريل رامافوزا، من البلاد لا تزال مهددة بموجة جديدة شديدة العدوى، بيد أنه أكد أن جنوب أفريقيا لديها الآن جرعات لقاح كافية لجميع السكان البالغين، حيث تلقى أكثر من ربع البالغين جرعة واحدة على الأقل.
وشجع، رامافوزا، الجميع على التطعيم والامتثال للقيود المتبقية، وذلك بغية للسماح للبلاد بالعودة إلى الحياة الطبيعية أكثر.
وبالوصول إلى قارة أميركا الجنوبية، فقد تلقت تشيلي إشادة دولية بسبب نجاح حملات اللقاح فيها، إذ جرى تطعيم ما يقرب من 87 بالمئة من المواطنين المؤهلين بشكل كامل.
وبدأت تلك الدولة بالفعل في توزيع جرعات معززة على أولئك الذين حصلوا على جرعتين، فيما وافقت السلطات الصحية يوم الخميس الماضي على استخدام لقاح سينوفاك الصيني للأطفال الذين تبلغ أعمارهم ستة أعوام فما فوق.
وعلى الرغم من التهديد الذي يمثله متغير دلتا ، فقد أعلنت الحكومة، أمس الأربعاء، عن خطوات عدة لإعادة فتح البلاد أمام السياحة الدولية اعتبارًا من أول الشهر القادم، بما يتزامن مع بدء موسم الصيف في الدولة الواقعة في نصف الكرة الجنوبي.
و سيتمكن الزوار الأجانب من ولوج البلاد بشرط استيفاء متطلبات معينة والالتزام بالحجر الصحي لمدة خمسة أيام عند الوصول.
وقال وكيل وزارة السياحة خوسيه لويس أوريارتي: “إن حقيقة أن السياح الأجانب يمكن أن يأتوا إلى تشيلي هي خطوة مهمة لاستعادة السياحة الوافدة”.
وأضاف:”من المهم الإشارة إلى أن هذه هي خطوة أولى، وسنكون قادرين على المضي قدمًا طالما أننا نحافظ على الظروف الصحية المناسبة.”