المرأة

لم تقبل به لأنه “أعجمي”.. الفاتنة العربية التي أسـ.ـرها ملك الفرس كسرى وأرادها زوجة له فحررها حبيبها.. قصّة البرّاق و “ليلى العفيفة” التي غنّتها أسمهان!

[sc name=”ads1-2″ ]

مدى بوست – فريق التحرير

يشتهر الكثيرون الفرسان والزعماء والشخصيات العربية سواءاً قبل الإسلام أو بعده، لكن هناك الكثير من الشخصيات التاريخية العربية الهامة التي لم يتم إعطاءها حقّها.

جميعنا سمعنا بالزير سالم أبو ليلى المهلهل، وشقيقه وائل بن ربيعة أو “كليب”، وقصّتهم مع قبائل بني بكر وحـ.ـرب البسوس التي استمرّت حوالي 40 عاماً من أجل ناقة.

لكن شخصيتنا التي سنتحدث عنها اليوم، كانت في زمنٍ قريبٍ منهم، لكنّ قصّتها مختلفة للغاية، إنّه البرّاق بن روحان، وهو خال الزير سالم وكليب، ومن أشهر الشخصيات العربية قبل بدء رسالة الإسلام، أي في مرحلة الجاهلية.

كان البرّاق بن روحان رجلاً عظيماً ترك بصمةً كبيرة في التاريخ عبر قصّته مع حبيبته التي أراد أن يتزوّجها، وهي “ليلى ابنة لكيز بن مرّة من قبيلة ربيعة” والشهيرة تاريخياً باسم “ليلى العفيفة” ابنة عمه التي كان حسنها وجمالها صائتاً في زمانها حتى وصل صيتها لملوك الأرض.

اعتُبر البرّاق في عصره من خيرة الفرسان، وكان يشار إليه بالبنان، فهو فارس بني تغلب، وصاحب شأنٍ عظيم، وعلى خلاف اللذين يتصعلكون عندما يدخلون قصّة حب، زاد حب البرّاق ليلى العفيفة من شأنه، وهو ما سيتضح بعد الانتهاء من قراءة قصّتهما.

أحب البرّاق ابنة عمّه ليلى بشكلٍ كبير، وكان والدها تاجراً كبيراً في زمانه، ولديه مكانة اجتماعية مرموقة آنذاك، فقد كانت تربطه صلة بملك اليمن “التبع” وملك بلاد فارس “كسرى الفرس”.

وقد تقدّم الكثير من سادة القبائل العربية المختلفة، والوجهاء والأمراء طالبين خطبة ليلى، لكنها لم تكن ترغب فيهم أملاً بأن يجتمع شملها مع البرّاق.

وكان السائد في القبيلة آنذاك أن البرّاق لليلى، وليلى للبرّاق، دون أن يكون بينهما تواصلاً مباشراً، إلا ما يكون بين أبناء العم من تواصلٍ عفوي، مع وجود نية لدى البرّاق بأن يخطب ليلى ويتزوجها عندما تسمح الظروف بذلك.

اقرأ أيضاً: جمعته علاقة مع زوجة الخليفة حتى أوصلته للحكم فانقـ.ـلب عليها.. قصّة صبح البشكنجية مع “الملك المنصور” أقوى حكّام الأندلس وآخرهم!

وفي يوم من الأيام، كان عم البرّاق قادماً من اليمن من عند ملكها “التبّع اليماني”، وأثناء مرور البرّاق للسلام على عمّه، وأثناء تبادلهم لأطراف الحديث، وحديث العم لابن أخيه عن رحلته في اليمن، ذكر له أن أعطاه وأجزل له العطاء، ثم أخبره بأنّ التبع طلب “ليلى” زوجة لابنه، وأنّه وافقاً، طالباً منه أن يبارك لابنة عمه.

وبرر العم قراره لابن أخيه أنه كان في حرج ولم يتمكن من عدم قبول طلب التبع بعد أن كان كريماً معه للغاية، فضلاً عن كونه صاحب سلطة كبيرة، عارضاً عليه أن يزوّجه بأختها أو بمن يرغب من النساء.

البرّاق يغادر قبيلته بعد عدم تزويجه ليلى 

لم يقبل البرّاق بما قاله عمّه، وأكد أن ليلى من حقّه هو، وأنّه مستعد لأن يقـ.ـتل ابن التبع اليماني وأن يخوض حـ.ـرباً من أجلها، واجتمع بوجهاء قبيلته “تغلب” آنذاك وأخبرهم بما فعله عمّه، طالباً منهم التوسط لديه كي يعدل عن رأيه ويزوّجه بليلى بدلاً من ابن التبّع.

على الرغم من توسّط وجهاء القبيلة لدى والد ليلى من أجل تزويجها للبراق، لكنه أخبرهم بإعطائه كلمة للتبع، وأنه لن يرجع عن كلمته.

جمع البرّاق مجموعة من عائلته وقومه المقربين منه، وغادر ديارهم في نجد بعيداً عن القبيلة الأم، وقيل أنه توجه إلى البحرين أو إلى بني حنيفة، احتجاجاً على قرار القبيلة بتزويج ليلى من ابن التبع.

وبعد مرور عدّة سنوات، دارت الدائرة على بني تغلب، بعد أن دخلوا في حـ.ـرب مع قبائل من كبرى قبائل الجزيرة العربية وهي قبائل “قضاعة وطي” وانهـ.ـزمت تغلب لعدة مرات وخسـ.ـرت الكثير من قطعانها ونسائها لتلك القبائل.

اجتمع وجهاء القبيلة بحثاً عن حل بعد أن ضاق الأمر بهم، وكان الرأي لديهم أن يطلبوا عودة فارس تغلب الشهير البرّاق بن روحان، وأن وجوده سيشكّل فارقاً كبيراً وسيجعل الأمور لصالحهم، رغم حـ.ـرجهم من طلبه، وهو لا يعلم عن ليلى شيء التي لم تكن قد غادرت بيت أهلها إلى التبع حتى ذلك الوقت.

وبالفعل، ذهب وفد من القبيلة على رأسه الزير سالم وكليب ابن ربيعة إلى البرّاق وأخبروه بحالهم، وكيف دارت الأيام عليه، وطلبوا منه أن يعود مع أبناء عمّه وعشيرته بعد ما حدث لهم على يد قبائل “قضاعة وطي”.

اقرأ أيضاً: “حريم السلطان” أسـ.ـاء له وأردوغان دافع عنه.. قصّة سليمان القانوني الذي أخـ.ـضع أوروبا بـ”موهاكس”.. وكان “دعاء محمد الفاتح” في بلغراد

في البداية رفـ.ـض البرّاق أن يستجيب لطلب الزير والوفد المرافق له، معللاً ذلك بعدم وقوفهم إلى جانبه في تزويجه من ليلى العفيفة، ليخبروه أن ليلى ما زالت في القبيلة ولم تذهب حتى الآن إلى ديار التبّع، ولكنه رغم ذلك لم يقبل بالعودة معهم.

وصلت أنباء ما كان بين الزير وكليب والوفد المرافق لهما من جهة، وبين البرّاق بن روحان من جهة أخرى، إلى قبائل طي وقضاعة، وقد أسعدها ذلك الأمر فأرسلوا رسالة إلى البرّاق بن روحان تشكروه فيها على عدم استجابته لطلب أبناء عمّه، وقدموا له وعداً بإرسال بعضاً من الغنائم والهدايا إليه.

غنّت أشعارها أسمهان: ليت للبراق عيناً فترى 

جاءت الرسالة التي أرسلتها قبائل قضاعة للبراق بنتائج عكسية، إذ أنّها لامست النخوة ونصرة الرحم في داخله، فجمع أبناء عمومته وأخبرهم أن يستعدوا معلناً الحـ.ـرب على قضاعة وطي ومتوجهاً إلى أبناء عمومته في تغلب.

وقد أنشد البرّاق أبياتاً جميلة في تلك اللحظات، وصف فيها ما حدث مع قبائل قضاعة وطي يقول فيها: لعمري لست أترك آل قومي.. وأرحل عن فنـ.ـائي أو أسير، بهم ذلـ.ـي إذا ما كنت فيهم.. على رغم العـ.ـدى شرفٌ خطـ.ـير”.

وأضاف “أأنزل بينهم إن كان يسر .. وأرحل إن ألـ.ـم بهم عسـ.ـير، وأترك معشري وهم أناس .. لهم طول على الدنيا يدور، ألم تسمع أسنّـ.ـتهم لها .. في تراقيكم وأضلعكم صرير، فكُفَ الكف عن قومي وذرهم.. فسوف يرى فعالهم الضـ.ـرير”.

وبعد أن عاد البرّاق أعاد موازنة الحالة بين قبائل تغلب وبين قضاعة وطي، فدارت بينهم الدوائر إلى أن وصل الطرفين لحلول أوقفت الحـ.ـرب بينهم.

عودة الأمل إلى البرّاق بشأن ليلى

بعد أن عاد البرّاق إلى قومه من أجل نصرتهم، لم يغادرهم وأقام معهم، ولم تكن ليلى قد ذهبت لابن التبّع، فعاد الأمل إلى نفسه بأن يتزوّج منها.

لكنّ والدها لم يكن يلين، وأصر على أنها ستكون زوجة لابن التبّع، فعرض البرّاق على ليلى أن يأخذها ويهـ.ـربان من القبيلة، لكنّها تعففت ولم تقبل طلبه.

وكان بعد ذلك والد ليلى يصحبها معه في أسفاره، وفي أحد الأيام التي كان فيها قرب بلاد فارس وليلى معه، وكان كسرى الفرس قد سمع بجمال ليلى وقصّتها، ورغب فيها، لكنه يعلم أن العرب في ذلك العصر لا يزوجون بناتهم للعجم وإن كانوا ملوكاً.

كسرى يأخذ ليلى العفيفة 

ولما علم أن ليلى ووالدها قرب بلاد فارس، قام أتباعه بمهـ.ـاجمة قافلتهم وأخذوا بضائعهم، وتم أخذ ليلى الجميلة إلى كسرى ملك الفرس وطلب منها أن تتزوجه، لكنّها رفضـ.ـت ذلك بشكلٍ كامل.

حاول كسرى أن يغيّر رأي ليلى، فقدّم لها أجود المجوهرات وأفخر الحلي والثروات لكنه واصلت عفّتها ورفضها له وهي عنده، ولم يكن أمامه سوى أن يسـ.ـبيها، لكنّها بذلك لن تصير زوجته أبداً.

اقرأ أيضاً: قتـ.ـل ملكاً في قصره ونهـ.ـبه لأنهم أهانوا والدته.. قصّة عمرو بن كلثوم مع ملك الحيرة التي تحدّث عنها في معلّقته الشهيرة!

بدأ كسرى باستخدام أسلوبٍ آخر مع ليلى، وهو التعـ.ـذيب كي يجـ.ـبرها على الزواج به، إذ تقول في إحدى قصائدها الشهيرة : غللـ.ـوني قيـ.ـدوني ضـ.ـربوا ملمس العفة مني بالعـ.ـصا، يكذـ.ـبُ الأعجمُ ما يَقربُني.. ومعي بعض حشاشات الحيا”.

ليت للبراق عيناً فترى! 

وبعد أن طال الحال مع ليلى وما تلاقيه على أيدي رجال كسرى، أنشدت في إحدى المرات تقول :” ليت للبراق عيناً فترى.. ما ألاقي من بـ.ـلاء وعـ.ـنا، يا كليباً وعقيلاً إخوتي.. يا جنيداً أسعدوني بالبـ.ـكا”.

جاءت الصدفة التي تنتظرها ليلى، فلم يكن البرّاق يعلم ما حدث لها ولوالدها، فهي ترافقه في ترحالها، ومرّ راعٍ عربي بجوار سجـ.ـن ليلى، وسمع أبياتها التي أنشدتها وذكرت البراق فيها، فعرفه وذهب إليه ونقل له ما قد سمعه.

لما علم البرّاق بأمر ليلى، ركب جواده مع مجموعة من فرسانه، واتجه إلى بلاد فارس، ولما علم أين مكانها في الأسـ.ـر تمكن من تحريرها والعودة بها إلى بلادها.

وبعد أن أعادها إلى والدها وأسرتها، قبل والد ليلى بأن يتم تزويجها من البراق بن روحان، وهو ما كان بالفعل، ليتزوجا ويعيشا معاً عشرات السنين، ويقال أن النهاية كانت أن تـ.ـوفي البراق، ثم لحقته ليلى العفـ.ـيفة بعد أشهر قليلة.

كما تم ذكر قصّة ليلى العفيفة والبراق في المسلسل السوري الشهير الزير سالم، وقد تم تأدية الأشعار التي قالتها بأغنية من أجمل الأغاني التي تناولت تلك القصة.

وقد وردت العديد من الروايات التي تناولت قصّة البراق، وبعضها ذهبت إلى أنّه قتـ.ـل ملك الفرس كسرى، كما ذكرت بعضها أن قبائل تغلب حشدت العرب وواجـ.ـهت جيوش الفرس وغلبتها ثم حررت ليلى، لكن ذلك غير مذكور في مصادر تاريخية موثقة، أمّا قصّته مع ليلى العفيفة فهي صحيحة ومذكورة في عدة مصادر، وقد روتها القصائد والأبيات العشرية، لكن الخـ.ـلاف في كيفية تحريره لها، وإن كانت المصادر متفقة بأنّه تمكن من تحريرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى