هل تواجه أي صعوبة في التحكم بأعصابك عند تعاملك مع طفلك؟ لماذا يفقد بعض الآباء السيطرة على أعصابهم عند مواجهة أطفالهم؟ يُعتقد أن السبب الرئيسي لذلك هو قيام بعضهم بتحكيم عاطفتهم فقط عند التعامل مع أبنائهم. مما يسمح ذلك للأطفال بتحديد طريقة تصرف الآباء معهم، بدلاً من حدوث العكس.
يعتقد معظم الآباء أنه يجب عليهم السيطرة على أطفالهم بسرعة ودون تفكير. في الواقع، يجب عليك السيطرة على نفسك أولاً، قبل البدء بمعالجة المشكلة مع طفلك. وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي “فهم ما يزعجك بالضبط ومعرفة الوقت الذي يبدأ فيه غضبك بالتزايد”. لحسن الحظ، إنها مهارة يسهل تعلمها ويجب على الوالدين امتلاكها.
تذكر أن الهدوء معدٍ كما القلق، لذلك يجب عليك السيطرة على نفسك أولاً. لقد ثبت أن قلق الوالدين تجاه طفلهم يساهم بشكل كبير في قلقه. على سبيل المثال، لنفترض أنك تقوم بتعليم طفلك كيفية ركوب الدراجة، لكنه لا يتعلم ولا يتجاوب معك كما يقوم بالتذمر والغضب. ستشعر حينها بالمسؤولية لتعليمه لكنه لن يتعاون معك. قد تصرخ في وجهه مما سيزيد الأمر سوءاً، ولن يقدر الطفل على التركيز بسبب قلقه حيث سيشعر بأنه مُجبر لفعل شيء ما، مما سيدفعه للرد عليك بالغضب والعصيان. عندما يحدث ذلك، اسأل نفسك: “كيف أحافظ على هدوئي حتى أساعد طفلي في تحقيق ما يحتاجه؟”.
تذكر أنك لست مسؤولاً عن حمله على ركوب الدراجة، لكنك مسؤول عن التزام الهدوء وتقديم النصائح والتوجيه. بهذه الطريقة، يمكنك التفكير في الأسلوب الأكثر فعالية لمساعدته على التعلم. تجنب الغضب لأنه سيؤدي إلى الفشل الذي تحاول تجنبه. في الواقع، عندما نفقد السيطرة ونغضب أمام أطفالنا، ننسى أننا البالغون في المنزل وأننا مُجبرون على التحكم بأنفسنا. حيث نعتقد أنه تجب علينا السيطرة على أطفالنا بدلاً من التحكم بأنفسنا لنشعر بالتحسن.
لحسن الحظ، هناك أمور يمكنك القيام بها لتدريب نفسك على الهدوء والتحكم في غضبك عند التعامل مع طفلك:
تعهد بالبقاء تحت السيطرة
من الآن فصاعداً، تعهد لنفسك بمحاولة السيطرة عليها. نعرف أنه ليس من السهل التحكم بأعصابك بنسبة 100%، لكن ابذل جهدك للوصول لهدفك. في البداية، لا تتسرع في التصرف عندما تبدأ بالشعور بالغضب تجاه طفلك، امنح نفسك بعض الوقت لاستعادة هدوئك. اخرج من الغرفة مثلاً أو اذهب للنوم، حاول تأجيل التعامل مع الموقف لبعض الوقت، فليس هناك أي مشكلة في ذلك.
توقع أن يحاول طفلك استفزازك، تحكم بأعصابك!
غالباً ما نشعر بالضيق عندما لا يمتثل أطفالنا لأوامرنا ولا يفعلون ما نريده منهم. لذلك، تقبل حقيقة أن طفلك سيقوم أحياناً باستفزازك ومحاولة السيطرة عليك، وسيبذل جهده لاختبار صبرك. في هذه الحالة، تكمن وظيفتك في البقاء هادئاً وتعليم طفلك الحدود التي لا يُسمح له بتجاوزها، والتأكيد له بأنه سيُعاقب في حال فعل ذلك.
اعرف أين تكمن مسؤولياتك كونك أحد الوالدين
يشعر بعض الآباء بالارتباك عند معرفة ما يقع على عاتقهم فيما يخص أطفالهم، مما يدفعهم للشعور بالإحباط. حاول التمييز بين أفكارك ومشاعرك ومسؤولياتك، وأفكار طفلك ومشاعره ومسؤولياته الي يجب أن يفي بها أيضاً. فإن كنت تعتقد أنك مسؤول عن كل شيء، سيزيد ذلك تحكمك بطفلك مما سيؤدي لمزيد من التوتر والقلق. اجعل طفلك يفهم حقيقة أنك “مسؤول عن مساعدته في معرفة كيفية حل المشكلة، لكنك لست مسؤولاً عن حل المشكلة نيابةً عنه”.
في حال قمت بحل مشاكل طفلك بشكل دائم فلن يشعر بالمسؤولية التي يجب علبه الالتزام بها، ولن يحاول حل مشاكله بنفسه. فكلما زادت محاولاتك قلت محاولات طفلك، إنها مشكلة حقيقية فعلاً.
يجب على الآباء وضع قواعد للأسرة ومحاسبة أطفالهم على تلك القواعد، كما يجب عليهم تدريب أطفالهم عليها عند الضرورة، يقع كل ذلك ضمن مسؤولياتهم.
لا تقلق بشأن المستقبل
يصيبنا القلق أحياناً حول مستقبل أطفالنا وقدرتهم على مواجهة كل ما سيتعرضون له في حياتهم، وكلما فكرنا في مستقبلهم أكثر زاد قلقنا. كما يصيبنا القلق حول ما إذا كنا نقوم بواجباتنا كآباءٍ جيدين لأطفالنا.
هناك مصطلح في علم النفس يُدعى “أخطاء التفكير”، وهي الأفكار الخاطئة الموجودة في أذهاننا والتي لا تتطابق مع الواقع، وعادةً ما تكون سلبية. وأحد أبرز أخطاء التفكير هذه هو “ميلنا الطبيعي لافتراض أسوأ نتيجة ممكنة لموقف معين”. لكن في الواقع، ناداً ما تتحول الأمور لأسوأ ما كنا نتخيله. لذلك، حاول التركيز فيما يمكنك فعله في الوقت الحاضر لأن مستقبل طفلك في يده ولن تستطيع التحكم به مهما حاولت.
كن مستعداً دائماً للقلق وتحكم بأعصابك جيداً
راقب الأمور التي تثير قلقك في العادة وحاول الاستعداد لها. اسأل نفسك: “كيف سأتصرف عندما يأتي ابني المراهق ويصرخ في وجهي؟ ماذا سأفعل عندما يطلب استخدام السيارة وأرد عليه بعدم الموافقة؟”. جهز نفسك للصراعات والجدالات القادمة، وحاول تجنبها قدر الإمكان. قم بالتعامل مع طفلك بعقلانية وناقشه وأقنعه بالمنطق، بدلاً من التصرف كأب مسيطر في كل المواقف.
استخدم الحديث الإيجابي مع النفس
تحدث مع نفسك وحاول دعمها وتقويتها، قل لنفسك: “سآخذ نفساً عميقاً، لن أغضب من طفلي…”. في الواقع، لقد أكد علماء النفس السلوكي تأثير الحديث الإيجابي مع النفس، إنه أداة قوية حقاً. يمكنك التحكم في صوت تفكيرك بحيث يوصلك للهدوء، لا للقلق.
في كل مرة تشعر فيها بأنك بدأت بالغضب، استخدم مع نفسك الكلمات التي تساعدك في التحكم بمشاعرك، مثل “تنفس، تمهل، اهدأ، هل يستحق الأمر هذا الغضب؟”. يمكنك أيضاً التفكير في “مكان جميل” يبعث الراحة في نفسك، حاول جلب صورته إلى مخيلتك. ستساعدك قدرتك على استحضار صورة هذا المكان في ذهنك على اللجوء إليه في كل مرة تشعر فيها بالغضب من طفلك.
خذ نفساً عميقاً وتحكم بأعصابك
خذ نفساً عميقاً وحاول تهدئة نفسك في كل مرة تشعر فيها بالغضب، فهناك فرق كبير بين الاستجابة ورد الفعل. عندما تستجيب، فإنك تستغرق بعض الوقت للتفكير فيما تريد قوله. في المقابل، عند رد الفعل، فإنك ستتسرع وستتصرف بشكل تلقائي بدون تفكير.
يجب عليك الاستجابة لما يقوله أو يفعله طفلك بشكل مدروس قدر الإمكان. حاول أخذ نفس عميق قبل أن تستجيب لطفلك، سيمنحك ذلك فرصة للتفكير واتخاذ القرار المناسب.
حاول بناء علاقة إيجابية مع طفلك
تخيل علاقتك المثالية مع طفلك بعد خمس أو عشر سنوات من الآن. عامل طفلك باحترام وبالطريقة التي تريده أن يعاملك بها وتحدث معه بالطريقة الي تريده أن يتحدث معك بها، لا يعني ذلك في المقابل أن تستسلم لمطالبه وتتسامح مع سلوكه الخاطئ طوال الوقت. احتفظ بصورة العلاقة المثالية في ذهنك، واعتبرها الهدف الذي تحاول الوصول إليه.
في الختام، إن الطريقة التي ستفكر بها عندما يزعجك طفلك مهمة للغاية، حاول التحكم بأعصابك والتصرف بموضوعية وبطريقة مدروسة قدر الإمكان. التزم بمسؤولياتك وسيطر على غضبك لتقوم بمهامك كأب جيد على أكمل وجه، وهذا أهم ما في الأمر.
اقرأ أيضاً: وسائل التربية السليمة وإدارة سلوك الطفل بعيداً عن الصراخ!