السويد

هل تقاعست السويد في إيجاد حلول عملية لكبح فيروس كورونا؟

الدنمارك بالعربي -أخبار السويد .. يسود تصور في العالم أن السويد تقاعست في فرض إجراءات الإغلاق التام داخل البلاد في الوقت الذي تتزايد فيه حالات الإصابة بمرض كوفيد 19 ومعاناة دول الجوار من تداعيات الفيروس اجتماعيا واقتصاديا.

وفي سياق متصل ارتفع عدد الوفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا في السويد إلى 2854 يوم الخامس من الشهر الجاري. وأعلنت هيئة الصحة العامة في إيجازها اليومي أن عدد الإصابات التي تم ‏تسجيلها في السويد منذ آذار الماضي بلغ حتى تاريخ الخامس من الشهر الجاري 23 ألف و216 حالة ‏إصابة بمرض كوفيد 19 في مختلف المدن السويدية.‏

فالتدابير لم تكن صارمة حقيقة لكن منظمة الصحة العالمية قالت الأسبوع الماضي إن استراتيجية السويد التي اعتمدت على وضع الثقة في مواطنيها لمواجهة فيروس كورونا قد تصبح نموذجا في المستقبل ذلك أن الحكومة عالجت الأزمة بشكل مختلف وهو أنها وثقت بالسكان بشكل حقيقي و يتم ذلك من الناحية العملية من خلال فسح المجال للمواطنين لتنفيذ التباعد الاجتماعي والتنظيم الذاتي.

ويمارس السكان التباعد الاجتماعي بالفعل حتى قبل استشراء الفيروس. ويعيش أكثر من نصف سكان البلد ضمن نطاقات عائلية محصورة جدا وقليلة العدد كما أن العمل من المنزل أمر شائع في البلاد.

ففي السويد يتم تطبيق إجراءات الصحة العامة بالتعاون مع السكان عبر اختبار وزيادة قدرة العناية المركزة بشكل كبير. فقررت بلدية ستوكهولم أن تدفع رواتب الموظفين الذين تقدموا للحصول على ‏عمل خلال فترة فصل الصيف حتى إذا لم يكونوا قد عملوا خلال هذه الفترة ‏بالفعل.

ويعود السبب وفق مسؤولي البلدية إلى عدم استقرار الأوضاع في الوقت الراهن ‏بسبب التداعيات الحاصلة جراء انتشار جائحة كورونا في البلاد. لكن عين الحقيقة هي أن السويد حظرت التجمعات الكبرى، لكن المطاعم والحانات والمدارس ظلت مفتوحة، ويتم تشجيع التباعد الاجتماعي بدلاً من تطبيقه من قبل الشرطة.وهذا ما بات يعرضها لنار الانتقادات بعد أن ثبتت عدم فعالية هذه الاستراتيجية بإبقاء الوباء عند معدلات منخفضة، مع ارتفاع أعداد الوفيات بكوفيد 19 وتسجيل الرقم الأعلى في البلدان الاسكندنافية.

السويد بدلاً من أن تغلق المدارس والمقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، قدمت النصح والإرشادات للمواطنين السويديين والمقيمين في البلاد بدلاً من فرض الغرامات. اعتمادها إلى حد كبير على علاقتها مع مواطنيها واستعدادهم لتطبيق «إبعاد الذات وتنظيم الذات»، حيث إن الحكومة نفذت السياسة العامة من خلال تلك الشراكة القائمة على الحوار ما بين جميع فئات المجتمع

بعد استشراء الوباء غيرت السويد من استراتيجيتها الدفاعية، فالحكومة السويدية، وفي سياق سعيها لتطويق انتشار فيروس كورونا، اتخذت بعض التدابير مثل حظر التجمعات لأكثر من 50 شخصاً، ونصحت مواطنيها بمتابعة عملهم من المنزل إن كانت طبيعة مهنتهم تتيح لهم ذلك، كما دعت إلى تجنب الذهاب إلى الأماكن المكتظة كالحانات والمطاعم، لكنّها لم تصل إلى حد فرض قيود رسمية، وإنما حثّت مواطنيها على “التصرف بمسؤولية”، بدلاً من أن تفرض غرامات مالية على الأشخاص الذين يغادرون منازلهم من دون سبب وجيه.

مع استمرار البلدان في جميع أنحاء العالم في تنسيق جهودها من أجل مواجهة الوباء،غردت السويد خارج السرب من خلال لجوئها إلى طرق متباينة تعطي كبير اهتمام لحرية الفرد وإشراك المواطنين في اتخاذ القرار المناسب لمواجهة الجائحة على الرغم من أن الاستجابة كانت تتنافى أحيانا مع توجيهات منظمة الصحة العالمية وتوصياتها.

النموذج السويدي في جوهره السياسي والاجتماعي يعول كثيرا إذن على مبدأ الثقة في المواطن عبر رسم معالم سياسية تنفذها الحكومات على اختلاف توجهاتها بالارتكاز على الشفافية والمساءلة.

ومن هذا المنطلق أشركت الحكومة السويدية خبراء هيئات الصحة الوطنية والأطباء في اتخاذ القرار المناسب بشأن مواجهة كورونا.ففي مقال نشر الثاني عشر من الشهر الماضي في صحيفة داجينز نيهتر السويدية طالب اثنان وعشرون عالمًا من معاهد البحوث والجامعات هيئة الصحة العامة في البلاد بإغلاق جميع المقاهي والمدارس. وقالوا أيضاً إن العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يهتمون بكبار السن يجب أن تكون لديهم معدات مناسبة للوقاية، كما طالبوا بإجراء اختبارات جماعية للطواقم الصحية.

وبناء على ذلك كله غيرت الحكومة من توجهاتها وجعلت الإجراءات الخاصة بمواجهة كوفيد19 تتواءم مع المنظور الطبي أكثر من اللجوء إلى الحلول السياسية و الأمنية الصارمة. وفي هذا السياق فعلت الحكومة سياستها اللامركزية في مواجهة الأزمات بشكل عام من خلال إعطاء الإدارات والولايات حرية اعتماد النموذج اللائق بها لمجابهة الوباء القاتل ولكنها على الرغم من ذلك كله لم تعتمد تطبيق حالة الطوارىء ولم تتجاوز البرلمان لتنفيذ اي إجراء في هذا الوقت العصيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى