الدنمارك بالعربي

سجال في الدنمارك على خلفية محاكمة معارضين إيرانيين

سجال في الدنمارك على خلفية محاكمة معارضين إيرانيين

 

يعود السجال هذه الأيام حول دور السعودية في تمويل “حركة النضال العربي لتحرير الأحواز” الإيرانية

المعارضة، ومحاولة الاستخبارات الإيرانية اغتيال شخصيات قيادية فيها على الأراضي الدنماركية.

هذا السجال اندلع إثر مباشرة الدنمارك محاكمة ثلاثة من قياديي الحركة الأحوازية، الذين جنبتهم الاستخبارات

الدنماركية في أواخر سبتمبر/أيلول الاغتيال على يد عميل للاستخبارات الإيرانية.

وكشفت التحقيقات الدنماركية في القضية عن تلقي “خلية التجسس” (كما توصف قيادة الحركة الأحوازية

المتهمة اليوم بدعم الإرهاب)، نحو 30 مليون كرونه دنماركية (نحو 5 ملايين دولار آنذاك)، من المخابرات

السعودية “لدعم عمليات مسلّحة في إيران”، وفق لائحة اتهام ثقيلة في محكمة روسكيلد، جنوب كوبنهاغن.

وأطلق على عملية التمويل السعودية المشفرة اسماً حركياً هو “إم أس 32”.

وكشف التلفزيون الدنماركي، اليوم الجمعة، عن أن المحاكمة، الممتدة حتى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل

على أقل تقدير، تشمل عملية التمويل المشفرة، ودفع المخابرات الإيرانية عميلها (إيراني يحمل الجنسية

النرويجية)، للقيام بعملية تصفية قادة من “حركة النضال العربي”، مقيمين بصفة لاجئين سياسيين في البلد.

وشكّل وجود إيرانيي الأحواز في المنفى الدنماركي، والأوروبي عموماً، سجالاً على مدى سنوات ماضية بين السلطات الإيرانية وساسة كوبنهاغن.

وتكشّفت خيوط القضية بعد مطاردة أمنية واسعة للشرطة والاستخبارات الدنماركية في 2018 للعميل الإيراني

المسلَّح، بعد إغلاق تام لمنافذ الدنمارك، وتأمين المستهدفين.

ويتهم المحاكَمون الأحوازيون، عبر محاميهم،

السلطات الدنماركية “بالرضوخ للسلطات الإيرانية”، ملمحين إلى أن اتهامهم بتلقي أموال من الرياض جاء

بتحريض من السفارة الإيرانية في كوبنهاغن بحجة “دعم الإرهاب”.

وينفي هؤلاء أن تكون لهم صلة بالأعمال

المسلَّحة ويقولون إن أعمالهم “تقتصر على الجوانب الإعلامية والدبلوماسية حول القمع في منطقة الأحواز”،

وفقاً لأحد محامي الدفاع عن المتهمين، هو غيرت دورن.

وطبقاً لهؤلاء المحامين، فإن موكليهم سيدفعون ببراءتهم، “فهم يرفضون تهم دعم الإرهاب والتجسس، فمن

وجهة نظر هؤلاء، فإن حركة النضال العربي لتحرير الأحواز هي حركة معارضة شرعية، وتعمل على وجه

التحديد في مناطق إيرانية لمواجهة الاضطهاد والديكتاتورية، وعلى أساس السعي إلى حكم ذاتي”.

ونقل المحامي دورن إلى القناة الرسمية الدنماركية، “دي آر”، عن أحد القادة المتهمين، أن “ما يجري، برأي

موكلي، هو إذعان دنماركي للضغط الإيراني، وأن كوبنهاغن تقوم بمهمة إيران بملاحقة المعارضين”، وهو ما

أكدته محامية أخرى، هي كارولين نورمان، أن عمل المعارضين الإيرانيين في المنفى “إعلامي وليس أي شيء آخر”.

الادعاء الدنماركي له رأي مختلف في القضية التي تثير اليوم سجالاً بعد أكثر من 3 سنوات على حملة أوروبية

استهدفت “عملاء إيران” في أكثر من بلد، من بينها الدنمارك وهولندا وفرنسا وألمانيا.

ويبدو أن الادعاء، بعد

تحقيق في نشاط الحركة على الأراضي الدنماركية، واكتشاف تحويل مالي من السعودية، مقتنع بأن الأعضاء

المتهمين من الحركة الأحوازية “يساندون ويشجعون على الإرهاب في إيران، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات

السعودية، بالإضافة إلى أنشطة تجسسية ضد أشخاص ومنظمات في الدنمارك وخارجها، لمصلحة الأمن السعودي”.

ووفقاً لقناة “دي آر”، فإن الأموال التي وصلت إلى الحركة من الرياض “أرسلت عن طريق رئاسة المخابرات

العامة، وهو أكبر جهاز استخبارات في السعودية، بالتحويل المالي عبر حسابات بنوك في دبي وفيينا”.

وتعتقد مخابرات الدنمارك، التي يتهمها أعضاء في “حركة النضال” بـ”التنسيق مع الاستخبارات الإيرانية لجمع معلومات وإلصاقها بهم”، أن “كتائب شهداء النصر” المسلَّحة في الأحواز هي الذراع العسكري لـ”حركة النضال العربي”، وهو ما يرفضه المتهمون عبر محاميهم.

وتتهم المدعية العامة في القضية ليزا لوتا نيلاس المتهمين الثلاثة بدعم حركة “جيش العدل”، العاملة ضد القوات الإيرانية، والمصنّفة أميركياً منذ 2019 بأنها “حركة إرهابية”.

وفي المقابل، يتسلح محامو المتهمين بتقارير دولية حول “اضطهاد السلطات الإيرانية للأحواز، ومن بينها تقارير لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)”.

ويؤكد محامو الدفاع، ومنهم دورن، أن “نشاط الحركة مشروع لمقاومة اضطهاد شعب الأحواز، والمتهمون يرفضون تهم الإرهاب والتجسس، ولا ينطبق عليهم قانون مكافحة الإرهاب الدنماركي، لأنهم حركة مقاومة شعبية بوجه نظام ديكتاتوري، وهذه الحركة تحاول الوصول إلى حقوق شعبها من خلال حكم ذاتي يقوم على مبادئ دولة القانون”.

 ويؤمن المحامون بأن موكيلهم، الذين أثبتوا أنهم عملوا في المجال الإعلامي، من خلال بث تلفزيوني متعلق

بالأحواز، “ستجري في نهاية المطاف تبرئتهم من تهم الإرهاب”، بحسب ما ذهب إليه المحامي توماس فوغت.

وكانت طهران قد اتهمت حركة “النضال العربي” بمسؤوليتها عن هجوم على عرض عسكري في الأحواز في

22 سبتمبر/أيلول 2018، قُتل فيه 29 شخصاً. ويحاكم، في موازاة محاكمة الأحوازيين المتهمين، العميل

الإيراني الذي تعتقد المخابرات والادعاء العام في كوبنهاغن بأن “الاستخبارات الإيرانية وجهته لاغتيال قائد حركة النضال المقيم في الدنمارك كلاجئ سياسي منذ 2006”.

وكانت هولندا وغيرها من الدول قد شهدت عمليات استهداف واغتيال لقيادات أحوازية، أدت إلى توجيه الاتهام

إلى طهران وتوتير العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي.

وطالب عدد من الأحزاب الدنماركية، بعد الكشف عن مسؤولية الاستخبارات في طهران عن نقل الاغتيالات إلى كوبنهاغن، بقطع العلاقة مع طهران. وتتواصل المحاكمات حتى نهاية العام الحالي في القضيتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى