الدنمارك بالعربي

وجبة الفطور الأشهى في العالم

وجبة الفطور الأشهى في العالم

تبدأ عملية إعداد أهم وجبة طعام في اليوم قبل ساعات من شروق الشمس في

مدينة فان الواقعة بالشرق الأقصى لتركيا، والتي تحيط بها سفوح التلال وبحيرة

رائعة.

وبحلول الساعة 5 صباحًا، تعبق رائحة الخبز المسطّح الساخن، والشاي التركي

الطازج في “شارع الفطور الشهير “Kahvaltıcılar Çarşısı” في مدينة فان،

حيث يفتح عشرات التجار أبواب متاجرهم لتقديم وجبات الفطور التقليدية في

الصباح، والتي تُعتبر سمة هذه المنطقة.

وخلال الفترة الصباحية، يقصد الآلاف من الأشخاص شارع المشاة المرصوف

بالحصى هذا، الذي يُعتقد أنه نقطة البداية لعاصمة وجبات الفطور في العالم.

عاصمة وجبات الإفطار في العالم.. كيف صنفت كذلك؟

وقال كينان كوشكون الذي يدير وشقيقه أحد أقدم مطاعم وجبات الفطور في

المدينة “سوتسو كينان” إن “لا شيء يمكن فعله هنا سوى تناول وجبة الفطور

نهارًا”، مضيفًا: “أعني، لا خبز، أو سندويشات، أو حساء، أو فطائر، أو كباب، أو غداء،

أو عشاء، أو موسيقى حية، أو شيشة، أو كحول.. فقط وجبة الفطور”.

وبينما تشتهر تركيا بوجبات الفطور، إلا أن مدينة فان تُعتبر عاصمة الفطور

المفضلة. إذ قد يُوضع على هذه الموائد الصباحية نحو 30 طبقًا مختلفًا، وغالبًا ما

تقدّم منتجات مشتقات الحليب الدسمة المستخرجة من الماشية التي ترعى في

هضاب الأناضول المحيطة.

عاصمة وجبات الإفطار في العالم.. كيف صنفت كذلك؟

وتشمل منتجات هذه المنطقة قشطة الجاموس المتخثر “kaymak”، وصلصة

الرو الكثيفة المصنوعة من الزبدة والدقيق الممزوجين بالبيض المخفوق المقرمش

“martuğa”، وعجينة تُشبه العصيدة الحلوة مصنوعة من القمح المطحون

المحمص في الزبدة والسكر “Kavut”، وجبن “Otlu peynir” الأبيض الذي

تشتهر به مدينة فان، ويُمزج مع الكراث البري المحلي، والزعتر الجبلي، والشومر،

والنعناع، والثوم الأخضر المعروف بسيرمو.

ويترافق تقديم وجبات الفطور هذه غالبًا مع المزيد من الأطباق التركية التقليدية،

مثل الطحينة ودبس العنب، والـ”cacık” وهو عبارة عن صلصة كثيفة مصنوعة

من اللبن والخيار، ومروحة ملونة من المربيات تضم مربى الكرز الحامض، والجوز،

والمشمش، بالإضافة إلى العسل المحلي، وأطباق من الخضار الطازجة.

وقالت أيلين أوني تان، إحدى رواد كتّاب الطعام في تركيا إنه “يجب أن تحصل على

العديد من الأطباق المحلية الصغيرة والمتنوعة”، موضحة أنّ “هذا ما يميّز وجبات

الفطور في فان. لن يكون هناك متّسع لأي شيء آخر على الطاولة”.

موطن وجبات الطعام الخفيفة على طريق الحرير

عاصمة وجبات الإفطار في العالم.. كيف صنفت كذلك؟

أمّا أصول ثقافة الفطور الأسطورية في فان، فتُعتبر محط جدل. وذكرت تان أن هذا

التقليد بدأ في منتصف القرن العشرين، عندما كان المزارعون من القرى المجاورة

يجلبون منتجاتهم إلى محطة حافلات المدينة، في الصباح الباكر بهدف بيعها.

وأشارت إلى أنهم “أقاموا وجبات الفطور هذه المؤلفة من أطباق صغيرة جدًا،

يتشاركون بتناولها مع خبز طازج منتفخ، وزبدة مخفوقة، وأجبان”.

ويعيد آخرون هذا الأمر إلى فترات سابقة تتّصل بثقافة الطهي العثمانية، وموقع

مدينة فان على طريق الحرير التجاري القديم الذي كان يربط العالم الغربي بالشرق

الأوسط وآسيا، حيث كانت تستقبل مسافرين يتضورون جوعًا على نحو مستمر.

وقال السكان إنّ التاريخ الأكثر حداثة لوجبات الفطور في فان يمكن ربطه تحديدًا

بتطوير ما يُعرف بـ”مصانع الحليب”، التي كانت تقدم وجبات تتألف من الحليب،

والجبن، والخبز للعمال في الصباح الباكر، في الأربعينيات من القرن الماضي.

عاصمة وجبات الإفطار في العالم.. كيف صنفت كذلك؟

وكان مطعم “سوتسو كينان” قد افتتحه الجد الأكبر لكوشكون في عام 1946،

وتداور ثلاثة أجيال من العائلة على إدارته منذ ذلك الحين.

وقال كوشكون: “قبل سنوات كانت قاعة الفطور عبارة عن متجر للألبان”، مشيرًا

إلى أنه “في عهد الجد الأكبر، كان يجتمع القرويون لتناول القهوة في الصباح الباكر

قبل بدء العمل في الحقول أو البناء. ويحضر أحدهم البيض من المنزل، وآخر الخبز،

وآخر الجبن، والزيتون. ويتشاركون بإعداد الطاولة”.

وبعيدًا عن ازدحام شارع الفطور، يُعتبر مطعم “باك هيلي باك” (Bak Hele

BAk)، الذي تأسس عام 1975، مطعمًا آخر ينضوي ضمن سلسلة مصانع الألبان

التقليدية القديمة. وهو بين قلة من المؤسسات التي ما برحت تقدّم المربى

التقليدي المصنوع من بتلات الورد.

وقال يوسف كوناك، مالك المطعم والذي يبلغ من العمر 67 عامًا، إنّ “مطعمنا

يتحدرّ من ثقافة صناعة الألبان”. وتابع: “أنشأنا ثقافة الفطور هذه. ويرتاد مطعمنا

جميع أنواع الزبائن بدءًا من 7 أعوام ولغاية 70 عامًا، بينهم سياسيين، وكتاب،

ومدرسين، ومواطنين عاديين”.

عاصمة وجبات الإفطار في العالم.. كيف صنفت كذلك؟

وقد يبدو هذا كأنّه ادعاء مبالغ فيه، لكنّ مدينة فان أُدرجت في سجلات الأرقام القياسية، إذ أنه في عام 2014، تجمع أكثر من 50 ألف شخص حول طاولات وُضعت أمام قلعة فان التاريخية التي بُنيت في القرن التاسع ميلادي، لتحطيم رقم غينيس العالمي “لأكبر مشاركة في فطور كامل”.

وتقدمت السلطات المحلية بطلب لأكثر وجبة فطور تميزًا في المنطقة، بهدف إضافتها إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، التي تضم بيتزا نابوليتانا المشهورة عالميًا، والجعة البلجيكية، وثقافة الباعة المتجولين في سنغافورة.

كيف تبدأ نهارك بشكل صحيح؟

عاصمة وجبات الإفطار في العالم.. كيف صنفت كذلك؟ وقال أوزجي سامانجي، رئيس قسم فن الطهي وفنون الطهي في جامعة أوزيجين

في مدينة إسطنبول التركية، إن وجبات الفطور المقدّمة في مدينة فان، والتي

عزّزها ارتفاع استهلاك الشاي في الأربعينيات، تلعب راهنًا وظيفة اجتماعية مهمّة.

وأوضح أن “الدور الرئيسي الذي تحتله وجبة الفطور، وأهميتها بالنسبة للجالية

التركية، بات أكبر لأنها تمثّل لحظة عائلية، وتُعتبر أهم وجبة طعام في اليوم”.

وأشار إلى أن هذا التقليد أصبح شائعًا لدرجة أن مطاعم الفطور على طراز مدينة

فان افُتتحت في جميع أنحاء البلاد، ضمنًا مطعمي “Meşhur Van Kahvaltı

Sarayı” و”Eylül Yöresel Kahvaltı Salonu” في العاصمة أنقرة،

ومطعم “Van Kahvaltı Evi” في اسطنبول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى