الدنمارك بالعربي

الجزءالثاني , الجالية الفلسطينية في الدنمارك


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});


بالرغم من النجاحات العديد التي حققها الفلسطينيون في الدنمارك إلا أن غياب سياسة حكومية واضحة كان له أثر سلبي على الاندماج، وأصبح الفلسطينيون الفئة المرتبطة بأشهر ‘غيتوهات’ الدنمارك كفولسموسه وبرابراند ومجمع ميولاباركن في كوبنهاغن. فالحي السكني ميولاباركن الذي يمثل الناطقون بالعربية أكثر من 85% من سكانه، ويشكل الفلسطينيون الفئة الأكبر منهم، يطلق عليه اسم ‘مخيم البرج’ كناية عن مخيم برج البراجنة الواقع بالقرب من العاصمة اللبنانية بيروت. فعناصر التشابه كبيرة بين المنطقتين بالرغم من ألاف الكيلو مترات التي تفصل بينهما.
انشاط السياسيكان للفلسطينيين الذين تواجدوا في الدنمارك في سبعينات القرن الماضي دور كبير إلى جانب الجمعيات الدنماركية وأحزاب اليسار الدنماركي في التعريف بالقضية الفلسطينية وتنظيم العديد من المعارض والنشاطات الثقافية والسياسية. كما أصدروا نشرات دورية عن القضية الفلسطينية كنشرة فلسطين الشهرية وأسسوا كذلك جمعية الصداقة الدنماركية الفلسطينية وشاركوا في تأسيس ‘الرابطة العربية في الدنمارك’ وإصدار مجلة ‘الغد’ الشهرية التي اهتمت بفعاليات الجالية العربية في الدنمارك. ولعل استضافة المنتدى الفلسطيني في الدنمارك – وهو جمعية أسست عام 2005 في العاصمة كوبنهاجن- لفاعاليات مؤتمر فلسطينيي أوروبا السادس في ذكرى ستينية النكبة يعتبر نقلة نوعية للعمل الفلسطيني المحلي ومؤشر واضح على تواصل فلسطينيي الدنمارك مع المؤسسات الفلسطينية في أوروبا.مما لا شك فيه أن غياب سياسة واضحة للاندماج في الحقبة الزمنية التي توافد فيها الفلسطينيون على الدنمارك أثر سلبياً على انخراطهم في الحياة الاجتماعية اليومية، مما دفعهم للإنطواء على أنفسهم وتوثيق العلاقات فقط فيما بينهم. ولكن الأثر الإيجابي كان في تأسيس العديد من النوادي والجمعيات التي اهتمت بتربية الأطفال وكذلك في النشاطات الثقافية والترفيهية. وبدأ انخراط الفلسطينيين فعليا في المجتمع الدنماركي في أواسط التسعينيات حيث برز على الساحة العديد من النشطاء الذين قاموا بتنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والسياسية والدينية، وساهم البعض منهم في التعريف بالثقافة الفلسطينية عن طريق المحاضرات والاحتفالات وتكوين عدة مؤسسات تعنى بالتعريف بفلسطين وتوضيح عدالة القضية الفلسطينية بالتعاون مع عدد من الشخصيات والمؤسسات الدانماركية. وكانت السمة الغالبة على هؤلاء النشطاء أنهم من الشباب الذين عاشوا في الدنمارك لفترة طويلة واستطاعوا فهم المجتمع وفهم احتياجات الجالية.اكتسب الفلسطينيون الجزء الأكبر من شهرتهم من خلال العمل السياسي حيث يتميز أبناء الجالية الفلسطينية في الدنمارك بنشاطهم السياسي والإعلامي الملحوظ وإن غلب عليه الطابع الشخصي في كثير من الأحيان. فيجلس في البرلمان الدنماركي عضو من أصول فلسطينية وهو ناصر خضر، لكنه لا يتمتع بشعبية كبيرة بين أبناء الجالية العربية بشكل عام، بالرغم من تحقيقه نجاحات على المستوى الشخصي حيث أصبح أول رئيس حزب دنماركي من أصول أجنبية عندما أسس حزب التحالف الجديد في مايو عام 2007.وفي الجانب الآخر نجد السياسية الشابة أسماء عبد الحميد التي تنحدر من أصول فلسطينية وتنتمي لحزب قائمة الوحدة اليساري المعارض. أسماء التي لم تستطع دخول البرلمان الدنماركي في انتخابات عام 2007، فاجأت الجميع بحصولها على ما يقارب أربعة آلاف صوت في دائرة العاصمة كوبنهاجن، وعلى النقيض من البرلماني ناصر خضر تتمتع أسماء بشعبية كبيرة بين أبناء الجالية العربية والإسلامية وترجع هذه الشعبية فيما يبدو إلى تمسك أسماء بحجابها الإسلامي وكذلك لنشاطها السياسي والإجتماعي الملحوظ بين ومع أبناء الجالية. أما الشاب ربيع أزداحمد وهو محامي أنهى دراسته من جامعة أوغهوس فيجلس كعضو في بلدية أوغهوس ويتقلد مناصب مهمة في إدارة البلدية، و يعرف أزداحمد بنشاطاته الإجتماعية والسياسية الكبيرة في نفس المدينة.



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

الوضع الإقتصاديتواجد النشاط الاقتصادي الفلسطيني بقوة منذ البدايات، خصوصاً في العاصمة وضواحيها ومدينتي أوغهوس وأودنسه. حيث أن القدرات المهنية والتجارية للفلسطينين والذين جاؤا كلاجئيين ساعدت العديد منهم على تحقيق نجاحات اقتصادية متفاوتة، يعتبرعددا منها مميزا حيث يمتلك العديد منهم شركات خدمات ومطاعم ومتاجر في العديد من المدن الدنماركية. و يعود هذا النجاح للتربة الإقتصادية الخصبة التي وجدت في الدنمارك في ذلك الحين والتي تمثلت بعدم وجود مطاعم ومتاجر توفر منتوجات غذائية تلبي متطلبات الثقافة الإستهلاكية للأعداد المتزايدة من المهاجريين للدنمارك.الوضع الثقافيتتواجد العديد من المؤسسات الفلسطينية في الدنمارك ولعل أشهرها هي مؤسسة الوقف الإسكندنافي التي أسسها الشيخ الراحل أحمد أبو اللبن بمساعدة مجموعة من العرب، و بالرغم من أن الوقف يضم العديد من الجنسيات والعرقيات المختلفة إلا ان الفلسطينيين في الدانمارك يعتبرونه مؤسسة رائدة في الاهتمام بأبناء الجالية الفلسطينية، كما أن مسجد التوبة الذي يتبع للوقف يعتبر مرجعا للعديد من الفلسطينيين في الدنمارك. أما في مدينة أوغهوس فتوجد مدرسة السعادة التي تهتم بتعليم أبناء الجالية الإسلامية بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص وليس بعيداً عنها يتواجد مسجد الإخوة والمساواة والذي يرتاده الكثير من الفلسطينيين. إضافة إلى ذلك تتميز الجالية الفلسطينية بتأسيسها لعدد من المدارس الخاصة لأبنائها أشهرها مدرسة القدس (صامد سابقاً) في كوبنهاغن. وتقدم أغلب هذه المدارس تعليماً جيداً له صلة بالمجتمع الدنماركي وتساهم أيضاً في الحفاظ على صلة قوية بالثقافة واللغة العربية وتهتم كذلك بالتربية الدينية والتوعية السياسية. وكذلك كان للفلسطينيين حظ من النجاح العلمي والثقافي الذي يستطيع كل زائر لأي مستشفى دنماركي أو جامعة دنماركية أن يشاهده بوضوح حيث تجد الأطباء والباحثين من أصول فلسطينية وفي شتى المناحي العلمية والأدبية.خاتمة وقراءة للمستقبليتفق جميع الباحثيين على أن الفلسطينيين في الدنمارك يمتلكون قدرات وإمكانيات كبيرة قد تساعدهم على الخروج من تهميشهم الحالي، و لكنهم في نفس الوقت يواجهون صعوبات كبيرة في ترتيب صفوفهم ومؤسساتهم. و يكرر الباحثون أن الفلسطينيين لديهم اتصالات قوية مع الشرق الأوسط وفلسطينيي الشتات في أوروبا والولايات المتحدة مما يمنحهم بعداً عالمياً. إضافة إلى تواجد العديد من أبناء الجالية الفلسطينية على مقاعد الدراسة الجامعية وبالتالي امتلاكهم فرصة كبيرة ليكونوا طليعة للأقلية الإثنية التي تتمتع أصلا بشبكة واسعة من الاتصالات مما يدعم فرص هذه الأقلية في الريادة على أكثر من مستوى وفي أكثر من مجال.
المصدر : الجالية الفلسطينية في أوربا 


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى