الدنمارك بالعربي

انتصار لليمين الدنماركي على تلفزيون بلده: تسريح 400 موظف….شطب “الاندماج” واستحضار “المسيحية”


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

مرة أخرى استطاع حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدد فرض إرادته على المشهد الإعلامي ببلده. فقد رضخت وزارة الثقافة في كوبنهاغن – وفقاً للعقد الجديد لموازنة الحكومة لهيئة البث العام، الشاملة للقنوات الرسمية للتلفزيون والإذاعة الدنماركية دي آر DR – لمطالب الحزب بجعل تلك القنوات والإذاعات تسير باتجاه تقشّفي سينجم عنه تسريح حوالي 400 موظف، وتخفيض الموازنة بـ20 في المائة، وإنهاء العديد من البرامج الإخبارية والثقافية والرياضية والاجتماعية. يأتي ذلك عقب سنوات من اتهام اليمين المتشدد لصحافيي “دي آر” وإدارة البرامج فيها بأنهم “مجموعة من مثقفي اليسار غير المهتمين بالوطنية الدنماركية”، كما كررت الشخصيات البارزة في هذا الحزب، مثل نائب رئيس الحزب، سورن إسبرسن، خلال مراحل أزمات ترتبط بتغطية القناة للأحداث الداخلية والخارجية، والتي تنحو نحو تقارير متخصصة و”متعمقة”، بما فيها مسائل التعددية الثقافية والمشاكل السياسية والحروب في الخارج. وأثار رضوخ حكومة يمين الوسط لمطالب حزب الشعب المتشدد وبدء تنفيذ الاتفاق موجةً من الانتقادات والسخط بين أوساط صحافية وثقافية وسياسية رآها البعض “فرضاً لروح قومية متشددة على نوعية ما يقدم للمتلقي الدنماركي لمصلحة وسائل إعلام خاصة”. ويستهدف “الشعب” المتشدد بشكل رئيسي التغطية الأكثر شمولية وعمقاً، خصوصاً الثقافية والماغازينية الإخبارية والتقارير والتحقيقات التي يجريها صحافيو القناة المخضرمون؛ وبعضهم يجيد اللغة العربية، كـستين نوركسو الذي قدم برنامجه الشهير “أصوات عربية” عن شباب الربيع العربي في دورات بثٍّ إذاعية متتالية إلى أن فُرض وقف البث.




في العقد الجديد فُرض على دي آر “عدم نشر تقارير مطولة ومتعمقة على صفحة القناة الإلكترونية، وتُبقي فقط على الأخبار القصيرة”. ويتذرع اليمين المتشدد بأنها “لمصلحة الصحافة والقنوات الخاصة التي باتت تخسر القراء، كما تخسر مالياً عبر توفير المواد مجاناً على صفحات هيئة البث العام”، رغم أن المعارضين في اليسار ينفون أية علاقة بين القضيتين. بالإضافة إلى ذلك تثير نقطة أخرى في العقد جدلاً بين المثقفين والسياسيين والصحافيين، وهي ترتبط بشطب العقد لفكرة التعددية في البلد بمنعها من التغطية، وانعكاساتها في البرامج بالتشديد على أن “برامج دي آر يجب أن تكوّن أرضية واضحة تعكس أن مجتمعنا يقوم على سلطة الشعب والجذور المسيحية”. كما أن العقد السابق لعمل المؤسسة الإعلامية تضمن أن “دي آر (القنوات التلفزيونية والإذاعية الرسمية) تساهم بتعزيز الاندماج في المجتمع الدنماركي”، وجرى أيضاً شطبها واستعيض عنها بأنه يقع على عاتقها “الإسهام (عبر العمل الإعلامي) في تعزيز الأسس المشتركة للدنمارك والمبنية على القيم الديمقراطية وحرية التعبير”. وحتى في البرامج الموسيقية فرض حزب الشعب “أن تكون نسبة الموسيقى الدنماركية 48 في المائة”، وهو ما سيعني شطب برامج موسيقية اعتاد عليها المستمعون مما تتخصص به بعض القنوات الإذاعية التي ستتوقف في المستقبل القريب. نفس الانتقادات يوجهها اليمين المتشدد في السويد، الذي يريد أيضاً فرض برامج وأفلام “تعزز الروح القومية للسويديين”، كأحد تعهداته الانتخابية لناخبيه. ويرى مقرر الشؤون الإعلامية لليمين المتشدد في برلمان الدنمارك، مورتن مارينوس، وفقاً لما تنقل عنه دي آر، أن ما يجري هو “تشديد للصيغ السابقة لإلزام هيئة البث العام التركيز بشكل خاص على التراث الثقافي المسيحي في بلدنا، ولذلك جاءت تلك النقطة ضمن الأهداف”. هذه النقطة أثارت، اليوم الأربعاء، جدلاً كبيراً في مختلف الصحافة الدنماركية بين المحررين ورؤساء تحرير ومعلقين، منهم سياسيون سابقون، حتى من الجناح المحافظ، والذين يرون في التعديلات تراجعاً وانكماشاً نحو القومية.



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

وبالنسبة لشطب “الاندماج” فيعلله مارينوس بـ”سوء استعمال القنوات لهذا الهدف”، وهو يشير ضمنياً إلى انفتاح القنوات على ثقافات المهاجرين، معتبراً أنه جرى “إساءة ترجمة وتفسير من قبل دي آر حول اتفاقيات عمل هيئة البث سابقاً عن الاندماج، كذهابها إلى عرض برامج تلفزيونية واستضافة أشخاص احتفالاً بعيد الفطر، فهي ليست من مهام البث العام والصحافيين”. ويريد حزب الشعب بدلاً ذلك إبراز سلبيات المهاجرين بالقول “على هيئة البث العام وصحافييها أن يركزوا على عمل برامج حول الاندماج السيئ”. من جهة ثانية، يرى مقرر شؤون الإعلام عن حزب الشعب الاشتراكي اليساري، ياكوب مارك، في تعقيبه لـ”بوليتيكن” أن ما يجري “خطوة أخرى للعمل بأجندة سياسية في برامج البث تقول: لا نريد دمج الناس في مجتمعنا”. إنّ معارضة اليسار ويسار الوسط للتقشف وإغلاق برامج وقنوات وتسريح مئات الموظفين والصحافيين تنطلق أساساً من أن “ما يجري في الواقع هو أمر مثير للشكوك في صياغات تستبعد عكس هيئة بث عام للتنوع في مجتمع الدنمارك، بحيث يجري التركيز على القيم المسيحية، وبنفس الوقت يقولون إنّه يجب تعزيز حرية التعبير”، بحسب ما تذكر لبوليتيكن، الوزيرة السابقة عن حزب “راديكال” من يسار الوسط المعارض ماريانا يالفيد.


(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

ناصر السهيلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى